يا من نأت بهم الديار فأصبحوا

يَا مَنْ نَأَتِ بِهِمُ الدِّيارُ فأَصْبحُوا

مُسْتوطِنين على النَّوَى الألْبَابا

إنْ تُكسِبِ الألْقَابُ مَنْ يُدْعَى بِها

شَرَفاً فَقَد شَرَّفتُمُ الألْقَابَا

فارقتُكُم فجَعَلْتُ زَقُّومَ الأَسَى

زاداً وغَسَّاقَ الدُمُوعِ شَرَابا

أكَذَاكَ كلُّ مُفَارِقٍ أمْ لمْ يكنْ

قَبْلي مُحِبٌّ فَارَقَ الأحْبَابَا

يا مُنْتَهَى الآرَابِ هَذِي مُهْجَتِي

قد قُطِّعَتْ مِنْ بِعدِكُمْ آرَابَا

وتَأسُّفِي أنِّي غَدَاةَ فِرَاقِكُمْ

لمْ أَقْضِ منْ تَوْدِيعِكُمْ آرَابَا

إنِّي لأعجَبُ مِنْ مُراجَعَةِ النَّوَى

عَنْ ربْعِكِم لي جِيئَةً وذَهَابَا

ما ذُقْتُ عَذْبَ القُربِ إلاّ ردَّهُ

وَشْكُ التَّفَرُّقِ والبِعادِ عَذَابَا

قد جَرَّدَ التَّفْريقُ سَيْفاً بَيْنَنَا

أفَما يُتيحُ لَهُ اللِّقَاءُ قِرَابَا

يا هَلْ تَرونَ لِنازِحٍ قَذَفَتْ بِهِ

أيْدي البِعَادِ لجِدَّ حفْصَ إيابَا

لو أنَّ ذَا القرنَيْنِ أصْبَحَ مُوقِداً

زُبُرَ الحَديدِ بِحرِّها لأذَابَا

لا تحْسَبِ البحْرينُ أنِّي بَعْدَهَا

مُسْتوطِنٌ دَاراً ولا أصْحَابَا

ما أصْبَحَتْ شيرازُ وَهْي حَبِيبةٌ

عِنْدِي بأبْهجَ من أوالَ جَنابَا

ما كُنْتُ بالمبْتَاعِ دارَ سُرُورِها

يَوماً بفَارَانٍ ولا بمقَابَا

فَأمَا وَجائِلُةُ النُّسوعِ تَخَالُها

للضَّمْرِ مِمَّا أهذبَتْ هُذَّابَا

تَتَبادرُ الحرمَ القَصيَّ بفِتْيةٍ

يثنُونَ نازِلةَ القَضَاءِ غِلابَا

لئِنِ اقْتَعَدْتُ مَطَا البِعَادِ وغَرَّني

وشْكُ التلاقِي والدُنُوِّ طِلابَا

لأُسَيِّرَنَّ لَكُمْ وإنْ طَالَ المدَى

ما رَقَّ من محضِ الثَّناءِ وطَابَا