خليلي دعوى برحت بخفاء

خليلي دعوى برحتَ بخفاءِ

ألا انزلا رحل الأسى بفنائي

وهدا من الصبرِ الجميلِ بنائي

قفا ساعداني لات حينَ عزائي

قفا نبك من ذكرى حبيبٍ ومنزلِ

#

أيتركُ ربعٌ للرسالةِ سبسبُ

تجيءُ به هوجُ الرياحِ وتذهبُ

ولا تنهمي فيه العيونُ وتسكبُ

وتظلعُ أعناقَ الذنوب وتنهب

بسقء اللوى بين الدخولِ فحومَلِ

#

دِيارُ الهدى بالخيفِ والحجراتِ

إلى ملتقى جمعٍ إلى عرفاتِ

مجاري سيولِ الغيمِ والعبرات

معارفُ هدي أصبحت نكراتِ

لما نسجتها من جنوبٍ وشمألِ

#

عذيري من رزءٍ بصبريَ يعبثُ

ومن شانيء في عقدةِ الصبرِ ينفثُ

وأي مصابٍ عهدُهُ ليسَ ينكثُ

كأني إذا ما القومُ عنهُ تحدثُوا

لدى سمُراتِ الحيِّ ناقفُ حَنظَلِ

#

ألا يا رسولَ اللَهِ صدري توهَّجا

لمصرعِ سبطٍ في الدماءِ تضرجا

فعطلت جيدَ اليأسِ من حيلةِ الرَّجا

فتعساً لأقوامٍ يُريُدونَ لي نَجا

يقولونَ لا تهلك أسى وتجملِ

#

على مثلِ ما أمسي من الحبِّ أصبحُ

زنادُ فؤادي باللواعجِ تقدحُ

ولو أن قلبي للتجلدِ يجنحُ

لفاضت جفوني بالسواكب تطفحُ

على النحرِ حتى بل دمعي محملي

#

عهودُ مصابي امنت يد فاسخِ

ومحكمُهُ لا يتقي حكم ناسخِ

فلو أشتكيه للنجومِ البواذخِ

لعالت بنعي السبط صرخةُ صارِخِ

فقالت لك الويلاتُ إنكَ مُرجلي

#

أقول لحزنٍ في الحسين تأكدا

تملك فُؤادي متهماً فيه منجدا

ولو غيرُ هذا الرزءِ راحَ أو اغتدى

لناديتهُ قبلَ الوُصولِ مُرَدِّدا

عَقَرت بعيري يامرأ القيسِ فانزلِ

#

سهامُ الأسى هذا فؤادي فانفذي

في ألمي بعدَ الحُسينِ تلذذي

ومن عبرتي والثكلِ أروى وأغتذي

ويا مقلتي من أن تشحي تعوذي

ولا تبعديني من جناكِ المُعَلَّلِ

#

وركب إذا جاراهم البرقُ يعثرُ

تذكرت فيهم كربلاء فأجأر

وغيداء لا تدي الأسى كيف يخطُرُ

بثتت لها ما كنت بالطفِّ أضمرُ

فألهيتها عن ذي تمائم محولِ

#

مجلي الأسى في ملعب الصدرِ برزا

وماطِلُ ذاك الدمعِ وفي وأنجزا

وحل الأسى من قلبي الصبِّ مركزا

فغايةُ هذا الحزنِ أن يتحيزا

بشقٍّ وشقٍّ عندنا لم يحولِ

#

عزائي في عشواء ثكلي خابطُ

وسهدي إلى وردِ المدامعِ فارِطُ

وللقلبِ في مهوى الوجيبِ مساقِطُ

تعدَّت شجونٌ في القضايا قواسِطُ

عليَّ وآلت حَلفَةً لم تحلَّلِ

#

أما لعُهودِ الهاشميينَ حافِظُ

فبالطفِّ يومٌ للرسالةِ غائِظُ

على ثكلِهِ قلبُ الكريمِ مُحافِظُ

فيا مهجتي إني على السبطِ فائِظُ

فسلي ثيابي من ثيابك تنسلِ

#

نجيعُ حفيدِ المصطفى كيفَ يُسفَكُ

ورِقُّ بنيهِ بعدَهُ كيفَ يُملَكُ

فيا كربلا والكَربُ لي ممتلك

ليكفيكِ مني أن ذكركِ مُهلِكُ

وأنكِ مهما تأمري القلبَ يَفعلِ

#

أيا حسرتي يوم أنتأوا وتحملوا

إلى كربلا مأوى القُلُوبِ تنقلوا

ليسبوا على حكم الضلالِ ويقتلوا

فيا رزءهم صمم ومثلكَ يَفعَلُ

بسهميكَ في أعشارِ قلبٍ مُقتَّلِ

#

أيا فاسِقاً قاد الغُرورُ شكائمه

فأورد في صدر الحسينِ صوارِمَه

تهيأ ليومِ الحشر تجرع علاقِمَه

فمالكَ منجىً من خصومةِ فاطِمَه

وما إن أرى عنكَ العماية تنجلي

#

تبرأ من قلبٍ بلذتهِ اعتنى

وآلُ رسولِ اللَهِ في شرِّ مجتنى

إذا ما اقتضوا ورداً أحيلوا على القنا

وعترةُ حربٍ في جنى روضَةِ المنى

غذاها نميرُ الماءِ غيرِ المُحللِ

#

عصوافي احتمال الرأس ياويح من عصى

وخلوا حسيناً في الثرى متقصما

لكي يدركوا عند ابن حربٍ تخلصا

كأن سنا رأسِ الحُسينِ على العصا

منارةُ ممسى راهِبٍ متبتلِ

#

فؤادي صرح بالجوى لا تعرِّض

ويا دمعُ ذهب وجتنتي لا تفضضِ

ويا سهري من طيبِ نومي تعوَّضِ

فما عُمرُ أحزاني عليهِ بِمُنقَصِ

وليسَ فؤادي عن هواها بِمُنسَلِ

#

مُصابُ حسينٍ رأسُ مالِ الفجائع

فلاتكُ في سلوانِ قلبي بطامِعِ

وقَرطِس بسهمِ العتبِ غيرَ مسامعي

ثكلتكَ من ناهٍ عن الحزنِ وازعِ

نصيحٍ على تعذالِهِ غيرِ مُؤتلِ

#

إلى اللَه من عبدٍ على سيّدٍ بغى

فغادره تحت العجاج ممرغا

يُنادي رسولَ اللَه في أزمة الوغى

أجرني من باغٍ بِعُدوانِهِ طَغَى

عليَّ بأنواعِ الهُمُومِ ليبتلي

#

ألا أنه يومٌ على الطفِّ آزِفُ

بهِ نُكِّرَت لابنِ الرَسُولِ معارِفُ

وساعَدَه قلبٌ هنالكَ واجِفُ

فنادى ظلامَ الظلمِ والنحرُ راعِفُ

ألا أيُّها الليلُ الطويلُ ألا انجلِ

#

أيا حاديَ المُختارِ جلدِي يُمَزَّقُ

بِعُدوانِ قومٍ غيُّهم يَتَفَرَّقُ

وكيفَ تحنُّ اليومَ أو كيفَ تُشفِقُ

قُلُوبُ عِداً عن مَوقِفِ الوَعظِ تُزهِقُ

كَجُلمُودِ صخرٍ حَطَّهُ السيلُ من عَلِ

#

أيا أمَّةَ الطُغيانِ ما لَكُمُ حِسُّ

علامَ بناءُ الدارِ إن هُدِّمَ الأُسُّ

أترجونَ إصباحاً وقد غابتِ الشمسُ

وزَلَّ بكُم عن دينكم ذلكَ الرجسُ

كما زلتِ الصفواءُ بالمتنزلِ

#

رويتم وضجَّ السبطُ فيكُم تعطشا

فسقيتموه ظالمينَ دم الحشا

ألا رُبَّ حقدٍ في صدورِكُم فشا

فأغريتمُ للصارِمِ العضبِ أرقشا

بجيدِ مُعَمٍّ في العشيرةِ مُخوَلِ

#

قضى اللَه أن يقضي على القَمَرِ السُّها

فراشةُ سَوءٍ زَلزَلَت عُصبَةَ النُّهى

فشعرُ الحسينِ بالنجيعِ تموَّها

ترى الدمَ في تلكَ الذوائِبِ مُشبِها

عُصارةَ حَنَّاءٍ بِشَيبٍ مُرَجَّلِ

#

بقايا ضُلُوعي فوقَ جمرِ الغَضى تُطوى

ودمعيَ يَسقي حرَّ صدري فلا يُروى

لرزءٍ أن يغلبَ الأضعفُ الأقوى

وينزلَ أهلُ الفِسقِ في أربُعِ التَّقوى

نُزولَ اليَماني ذي العِيابِ المُحَمَّلِ

#

فَرُمتُ بهِ قلباً عن الصبرِ أجفلا

تحملَ من برحِ الجَوَى ما تحمَّلا

ولا ناصِرٌ يُعدي على جَور كَربلا

على أنَّ لي دمعاً إذا ما تسبَّلا

يَكُبُّ على الأذقانِ دَوحَ الكنهبلِ

#

لمثلِكَ من رزءٍ عصيتُ عزائيا

وأعطيتُ أشجان قيادَ بُكائيا

فلو أنني ناجيتُ طوداً يمانيا

لأذرفَ دمعاً أفضح الغيمَ هاميا

فأنزلَ منهُ العُصمَ من كُلِّ مَنزِلِ

#

لأنتحلنَّ الدهرَ حبَّ بني علي

وأتلُوا مراثيهم على كُلِّ محفلِ

عسى جدهُم يومَ الجزا أن يمدَّ لي

بغفرِ ذنوبي راحةَ المتفضلِ

فأظفَرَ بالرحمى من الملكِ العلي

#

أياسا معي هذا الرثاء ترحموا

على مسرفٍ قد طال منه التجرمُ

مؤخرّ سعيٍ حُبُّهُ متقدِّمُ

عسى يتلقاهُ النبيُ المُكرَّمُ

بوجهٍ يُرَقيهِ لكلِّ مؤمّلِ

#