أخ طالما سرني ذكره

أَخٌ طالَما سَرَّني ذِكرُهُ

فَقَد صِرتُ أَشجى لَدى ذِكرِهِ

وَقَد كُنتُ أَغدو إِلى قَصرِهِ

فَقَد صِرتُ أَغدو إِلى قَبرِهِ

وَكُنتُ أَراني غَنِيّاً بِهِ

عَنِ الناسِ لَو مُدَّ في عُمرِهِ

وَكُنتُ مَتى جِئتُ في حاجَةٍ

فَأَمري يَجوزُ عَلى أَمرِهِ

فَتىً لَم يُخَلِّ النَدى ساعَةً

عَلى يُسرِهِ كانَ أَو عُسرِهِ

تَظَلُّ نَهارَكَ في خَيرِهِ

وَتَأمَنُ لَيلَكَ مِن شَرِّهِ

فَصارَ عَلِيٌّ إِلى رَبِّهِ

وَكانَ عَلِيٌّ فَتى دَهرِهِ

أَتَتهُ المَنِيُّةُ مُغتالَةً

رُوَيداً تَخَلَّلُ مِن سِترِهِ

فَلَم تُغنِ أَجنادُهُ حَولَهُ

وَلا المُسرِعونَ إِلى نَصرِهِ

وَأَصبَحَ يَغدو إِلى مَنزِلٍ

سَحيقٍ تُؤُنِّقُ في حَفرِهِ

تُغَلَّقُ بِالتُربِ أَبوابُهُ

إِلى يَومَ يُؤذَنُ في حَشرِهِ

وَخَلّى القُصورَ الَّتي شادَها

وَحَلَّ مِنَ القَبرِ في قَعرِهِ

وَبُدِّلَ بِالبُسطِ فَرشَ الثَرى

وَريحَ ثَرى الأَرضِ مِن عِطرِهِ

أَخو سَفَرٍ ما لَهُ أَوبَةٌ

غَريبٌ وَإِن كانَ في مِصرِهِ

فَلَستُ مُشَيِّعَهُ غازِياً

أَميراً يَسيرُ إِلى ثَغرِهِ

وَلا مُتَلَقِّيَهُ قافِلاً

بِقَتلِ عَدُوٍّ وَلا أَسرِهِ

لِتُطرِهِ أَيّامُنا الصالِحاتُ

بِبِرٍّ إِذا نَحنُ لَم نُطرِهِ

فَلا يَبعَدَنَّ أَخي ثاوِياً

فَكُلٌّ سَيَمضي عَلى إِثرِهِ