أيا جامعي الدنيا لمن تجمعونها

أَيا جامِعي الدُنيا لِمَن تَجمَعونَها

وَتَبنونَ فيها الدورَ لا تَسكُنونَها

وَكَم مِن مُلوكٍ قَد رَأَينا تَحَصَّنَت

فَعَطَّلَتِ الأَيّامُ مِنها حُصونَها

وَكَم مِن ظُنونٍ لِلنُفوسِ كَثيرَةٍ

فَكَذَّبَتِ الأَحداثُ مِنها ظُنونَها

وَإِنَّ العُيونَ قَد تَرى غَيرَ أَنَّهُ

كَأَنَّ القُلوبَ لَم تُصَدِّق عُيونَها

أَلا رُبَّ آمالٍ إِذا قيلَ قَد دَنَت

رَأَيتَ صُروفَ الدَهرِ قَد حُلنَ دونَها

أَيا آمِنَ الأَيّامِ مُستَأنِساً بِها

كَأَنَّكَ قَد واجَهتَ مِنها خُؤونَها

لَعَمرُكَ ما تَنفَكُّ تَهدي جَنازَةً

إِلى عَسكَرِ الأَمواتِ حَتّى تَكونَها

ذَوي الوُدِّ مِن أَهلِ القُبورِ عَلَيكُم

سَلامٌ أَما مِن دَعوَةٍ تَسمَعونَها

سَكَنتُم ظُهورَ الأَرضِ حيناً بِنَضرَةٍ

فَما لَبِثَت حَتّى سَكَنتُم بُطونَها

وَكُنتُم أُناساً مِثلَنا في سَبيلِنا

تَضِنّونَ بِالدُنيا وَتَستَحسِنونَها

وَما زالَتِ الدُنيا مَحَلَّ تَرَحُّلٍ

تَجوسُ المَنايا سَهلَها وَحُزونَها

وَقَد كانَ لِلدُنيا قُرونٌ كَثيرَةٌ

وَلَكِنَّ رَيبَ الدَهرِ أَفنى قُرونَها

وَلِلناسِ آجالٌ قِصارٌ سَتَنقَضي

وَلِلناسِ أَرزاقٌ سَيَستَكمِلونَها