أيا للمنايا ويحها ما أجدها

أَيا لِلمَنايا وَيحَها ما أَجَدَّها

كَأَنَّكَ يَوماً قَد تَوَرَّدتَ وِردَها

وَيا لِلمَنايا ما لَها مِن إِقالَةٍ

إِذا بَلَغَت مِن مُدَّةِ الحَيِّ حَدَّها

أَلا يا أَخانا إِنَّ لِلمَوتِ طَلعَةً

وَإِنَّكَ مُذ صُوِّرتَ تَقصِدُ قَصدَها

وَلِلمَرءِ عِندَ المَوتِ كَربٌ وَغُصَّةٌ

إِذا مَرَّتِ الساعاتُ قَرَّبنَ بُعدَها

لَكَ الخَيرُ أَمّا كُلُّ نَفسٍ فَإِنَّها

تَموتُ وَإِن حادَت عَنِ المَوتِ جُهدَها

سَتُسلِمُكَ السَعاتُ في بَعضِ مَرِّها

إِلى ساعَةٍ لا ساعَةٌ لَكَ بَعدَها

وَتَحتَ الثَرى مِنّي وَمِنكَ وَدائِعٌ

قَريبَةُ عَهدٍ إِن تَذَكَّرتَ عَهدَها

مَدَدتَ المُنى طولاً وَعَرضاً وَإِنَّها

لَتَدعوكَ أَن تَهدا وَأَن لا تَمُدَّها

وَمالَت بِكَ الدُنيا إِلى اللَهوِ وَالصِبا

وَمَن مالَتِ الدُنيا بِهِ كانَ عَبدَها

إِذا ما صَدَقتَ النَفسَ أَكثَرتَ ذَمَّها

وَأَكثَرتَ شَكواها وَأَقلَلتَ حَمدَها

بِنَفسِكَ قَبلَ الناسِ فَاعنَ فَإِنَّها

تَموتُ إِذا ماتَت وَتُبعَثُ وَحدَها

وَما كُلُّ ما خُوِّلتَ إِلّا وَديعَةً

وَلَن تَذهَبَ الأَيامُ حَتّى تَرُدَّها

إِذا أَذكَرَتكَ النَفسُ دِنياً دَنِيَّةً

فَلا تَنسَ رَوضاتي الجِنانِ وَخُلدَها

أَلَستَ تَرى الدُنيا وَتَنغيصَ عَيشِها

وَأَتعابَها لِلمُكثِرينَ وَكَدَّها

وَأَدنى بَني الدُنيا إِلى الغَيِّ وَالعَمى

لَمَن يَبتَغي مِنها سَناها وَمَجدَها

وَلَو لَم تُصِب مِنها فُضولاً أَصَبتَها

إِذاً لَم تَجِد وَالحَمدُ لِلَّهِ فَقدَها

إِذا النَفسُ لَم تَصرِف عَنِ الحِرصِ جُهدَها

إِذا ما دَعاها أَضرَعَ الحِرصُ خَدَّها

هَوى النَفسِ في الدُنيا إِلى أَن تَغولَها

كَما غالَتِ الدُنيا أَباها وَجَدَّها