إياك أعني يا ابن آدم فاستمع

إِيّاكَ أَعني يا اِبنَ آدَمَ فَاِستَمِع

وَدَعِ الرُكونَ إِلى الحَياةِ فَتَنتَفِع

لَو كانَ عُمرُكَ أَلفَ حَولٍ كامِلٍ

لَم تَذهَبِ الأَيّامُ حَتّى تَنقَطِع

إِنَ المَنِيَّةَ لا تَزالُ مُلِحَّةً

حَتى تُشَتِّت كُلَّ أَمرٍ مُجتَمِع

فَاِجعَل لِنَفسِكَ عُدَّةً لِلِقاءِ مَن

لَو قَد أَتاكَ رَسولُهُ لَم تَمتَنِع

شُغِلَ الخَلائِقُ بِالحَياةِ وَأَغفَلوا

زَمَناً حَوادِثُهُ عَلَيهِم تَقتَرِع

ذَهَبَت بِنا الدُنيا فَكَيفَ تَغُرُّنا

أَم كَيفَ تَخدَعُ مَن تَشاءُ فَيَنخَدِع

وَالمَرءُ يوطِنُها وَيَعلَمُ أَنَّهُ

عَنها إِلى وَطَنٍ سِواها مُنقَلِع

لَم تَقبَلِ الدُنيا عَلى أَحَدٍ بِزي

نَتِها فَمَلَّ مِنَ الحَياةِ وَلا شَبَع

يا أَيُّها المَرءُ المُضَيِّعُ دينَهُ

إِحرازُ دينِكَ خَيرُ شَيءٍ تَصطَنِع

وَاللَهُ أَرحَمُ بِالفَتى مِن نَفسِهِ

فَاِعمَل فَما كُلِّفتَ ما لَم تَستَطِع

وَالحَقُّ أَفضَلُ ما قَصَدتَ سَبيلَهُ

وَاللَهُ أَكرَمُ مِن تَزورُ وَتَنتَجِع

فَاِمهَد لِنَفسِكَ صالِحاً تُجزى بِهِ

وَاِنظُر لِنَفسِكَ أَيَّ أَمرٍ تَتَّبِع

وَاِجعَل صَديقَكَ مَن وَفى لِصَديقِهِ

وَاِجعَل رَفيقَكَ حينَ تَنزِلُ مَن يَرِع

وَاِمنَع فُؤادَكَ أَن يَميلَ بِكَ الهَوى

وَاِشدُد يَدَيكَ بِحَبلِ دينِكَ وَاِتَّزِع

وَاِعلَم بِأَنَّ جَميعَ ما قَدَّمتَهُ

عِندَ الإِلَهِ مُوَفَّرٌ لَكَ لَم يَضِع

طوبى لِمَن رُزِقَ القَنوعَ وَلَم يُرِد

ما كانَ في يَدِ غَيرِهِ فَيُرى ضَرِع

وَلَئِن طَمِعتَ لَتَضرَعَنَّ فَلا تَكُن

طَمَعاً فَإِنَّ الحُرَّ عَبدٌ ما طَمِع

إِنّا لَنَلقى المَرءَ تَشرَهُ نَفسُهُ

فَيَضيقُ عَنهُ كُلُّ أَمرٍ مُتَّسِع

وَالمَرءُ يَمنَعُ ما لَدَيهِ وَيَبتَغي

ما عِندَ صاحِبِهِ وَيَغضَبُ إِن مُنِع

ما ضَرَّ مَن جَعلَ التُرابَ فِراشَهُ

أَلّا يَنامَ عَلى الحَريرِ إِذا قَنِع