ما استعبد الحرص من له أدب

ما اِستَعبَدَ الحِرصُ مَن لَهُ أَدَبُ

لِلمَرءِ في الحِرصِ هِمَّةٌ عَجَبُ

لِلَّهِ عَقلُ الحَريصِ كَيفَ لَهُ

في كُلِّ ما لا يَنالَهُ أَرَبُ

ما زالَ حِرصُ الحَريصِ يُطعِمُهُ

في دَركِهِ الشَيءَ دونَهُ العَطَبُ

ما طابَ عَيشُ الحَريصُ قَطُّ وَلا

فارَقَهُ التَعسُ مِنهُ وَالنَصَبُ

البَغيُ وَالحِرصُ وَالهَوى فِتَنٌ

لَم يَنجُ مِنها عُجمٌ وَلا عَرَبُ

لَيسَ عَلى المَرءِ في قَناعَتِهِ

إِن هِيَ صَحَّت أَذىً وَلا نَصَبُ

مَن لَم يَكُن بِالكَفافِ مُقتَنِعاً

لَم تَكفِهِ الأَرضُ كُلُّها ذَهَبُ

مَن أَمكَنَ الشَكَّ مِن عَزيمَتِهِ

لَم يَزَلِ الرَأيُ مِنهُ يَضطَرِبُ

مَن عَرَفَ الدَهرَ لَم يَزَل حَذِراً

يَحذَرُ شِدّاتِهِ وَيَرتَقِبُ

مَن لَزِمَ الحِقدَ لَم يَزَل كَمِداً

تُغرِقُهُ في بُحورِها الكُرَبُ

المَرءُ مُستَأنِسٌ بِمَنزِلَةٍ

تَقتُلُ سُكّانَها وَتَستَلِبُ

وَالمَرءُ في لَهوِهِ وَباطِلِهِ

وَالمَوتُ في كُلِّ ذاكَ مُقتَرِبُ

يا خائِفَ المَوتِ لَستَ خائِفُهُ

وَالعُجبُ وَاللَهُ مِنكَ وَاللَعِبُ

دارُكَ تَنعي إِلَيكَ ساكِنَها

قَصرُكَ تُبلي جَديدَةَ الحِقَبُ

يا جامِعَ المالِ مُنذُ كانَ غَداً

يَأتي عَلى ما جَمَعتَهُ الحَرَبُ

إِيّاكَ أَن تَأمَنَ الزَمانَ فَما

زالَ عَلَينا الزَمانُ يَنقَلِبُ

إِيّاكَ وَالظُلمَ إِنَّهُ ظُلَمٌ

إِيّاكَ وَالظَنَّ إِنَّهُ كَذِبٌ

بَينا تَرى القَومَ في مَحَلَّتِهِم

إِذ قيلَ بادوا بِلىً وَقَد ذَهَبوا

يا بانِيَ القَصرِ يا مُشَيِّدَهُ

قَصرُكَ يُبلي جَديدَهُ الحِقَبُ

إِنّي رَأَيتُ الشَريفَ مُعتَرِفاً

مُصطَبِراً لِلحُقوقِ إِذ تَجِبُ

وَقَد عَرَفتُ اللِئامَ لَيسَ لَهُم

عَهدٌ وَلا خِلَّةٌ وَلا حَسَبُ

إِحذَر عَلَيكَ اللِئامَ إِنَّهُمُ

لَيسَ يُبالونَ مِنكَ ما رَكِبوا

فَنِصفُ خُلقِ اللِئامِ مُذ خُلِقوا

دُلٌّ ذَليلٌ وَنِصفُهُ شَغَبُ

فِرَّ مِنَ اللُؤمِ وَاللِئامِ وَلا

تَدنُ مِنهُم فَإِنَّهُم جَرَبُ