ما لي رأيتك راكبا لهواكا

ما لي رَأَيتُكَ راكِباً لِهَواكا

أَظَنَنتَ أَنَّ اللَهَ لَيسَ يَراكا

اِنظُر لِنَفسِكَ فَالمَنِيَّةُ حَيثُ ما

وَجَّهتَ واقِفَةٌ هُناكَ حِذاكا

خُذ مِن حَراكِكَ لِلسُكونِ بِحَظِّهِ

مِن قَبلِ أَن لا تَستَطيعَ حَراكا

لِلمَوتِ داعٍ مُزعِجٌ وَكَأَنَّهُ

قَد قامَ بَينَ يَدَيكَ ثُمَّ دَعاكا

وَلِيَومِ فَقرِكَ عُدَّةٌ ضَيَّعتَها

وَالمَرءُ أَفقَرُ ما يَكونُ هُناكا

لَتُجهَزَنَّ جِهازَ مُنقَطِعِ القُوى

وَلَتَشحِطَنَّ عَنِ القَريبِ نَواكا

وَلَيُسلِمَنَّكَ كُلُّ ذي ثِقَةٍ وَإِن

ناداكَ بِاِسمِكَ ساعَةً وَبَكاكا

وَإِلى مَدىً تَجري وَتِلكَ هِيَ الَّتي

لا تُستَقالُ إِذا بَلَغتَ مَداكا

يا لَيتَني أَدري بِأَيِّ وَثيقَةٍ

تَرجو الخُلودَ وَما خُلِقتَ لِذاكا

يا جاهِلاً بِالمَوتِ مُرتَهَناً بِهِ

أَحَسِبتَ أَنَّ لِمَن يَموتُ فَكاكا

لا تَكذِبَنَّ فَلَو قَدِ اِحتُفِرَ الحَشا

بَطَلَ اِحتِيالُكَ عِندَهُ وَرُقاكا

حاوَلتَ رِزقَكَ دونَ دينِكَ مُلحِفاً

وَالرِزقُ لَو لَم تَبغِهِ لَبَغاكا

وَجَعَلتَ عِرضَكَ لِلمَطامِعِ بِذلَةً

وَكَفى بِذَلِكَ فِتنَةً وَهَلاكا

وَأَراكَ تَلتَمِسُ الغِنى لِتَنالَهُ

وَإِذا قَنِعتَ فَقَد بَلَغتَ غِناكا

وَلَقَد مَضى أَبَواكَ عَمّا خَلَّفا

وَلَتَمضِيَنَّ كَما مَضى أَبَواكا

لَو كُنتَ مُعتَبِراً بِعُظمِ مُصيبَةٍ

لَجَعَلتَ أُمَّكَ عِبرَةً وَأَباكا

ما زِلتَ توعَظُ كَي تُفيقَ مِنَ الصِبا

وَكَأَنَّما يُعنى بِذاكَ سِواكا

قَد نِلتَ مِن شَرخِ الشَبابِ وَسُكرِهِ

وَلَقَد رَأَيتَ الشَيبَ كَيفَ نَعاكا

لَن تَستَريحَ مِنَ التَعَبُّدِ لِلمُنى

حَتّى تُقَطِّعَ بِالعَزاءِ مُناكا

وَبَّختَ عَبدَكَ بِالعَمى فَأَفَدتَهُ

بَصَراً وَأَنتَ مُحَسَّنٌ لِعَماكا

كَفَتيلَةِ المِصباحِ تَحرُقُ نَفسَها

وَتُنيرُ واقِدَها وَأَنتَ كَذاكا

وَمِنَ السَعادَةِ أَن تَعِفَّ عَنِ الخَنا

وَتُنيلَ خَيرَكَ أَو تَكُفَّ أَذاكا

دَهرٌ يُؤَمِّنُنا الخُطوبَ وَقَد نَرى

في كُلِّ ناحِيَةٍ لَهُنَّ شِباكا

يا دَهرُ قَد أَعظَمتَ عِبرَتَنا بِمَن

دارَت عَلَيهِ مِنَ القُرونِ رَحاكا