كان ينابيع الثرى ثدي مرضع

كان ينابيعَ الثَّرى ثَدْيُ مُرضِعٍ

وفي حجرِها مِنِّي ومنْ ناقتي طفلُ

كأنّا على أرجوحَةٍ في مَسيرِنا

لِغَوْرٍ بِنا تهوي ونَجْدٍ بِنا تَعْلو

كأنَّ فمي قَوْسٌ لِساني لَهُ يَدٌ

مَديحي لَهُ نَزْعٌ بِهِ أمَلي نَبْلُ

كأنَّ دَواتي مُطْفِلٌ حَبشيَّةٌ

بَناني لَها بَعْلٌ ونَفْسي لَهَا نَسْلُ

كأنَّ يَدي في الطِّرْسِ غَوّاصُ لُجَّةٍ

بِها كَلِمي دُرٌّ بِهِ قيمَتي تَغْلُو

يُذَكِّرُوني قُرْبَ العِراقِ وَديعَةٌ

لدى الله لا يُسليهِ مالٌ ولا أهْلُ

إذا ورَدَ الحُجَّاجُ وافى رِكابَهُمْ

بفوَّارَتَيْ دَمْعٍ هما الثَّجْلُ والسَّجْلُ

يسائِلُهمكيف ابنُهُ أينَ دارُهُ

إلامَ انتهى لِمَ لَمْ يَعُدْ هلْ لَهُ شُغْلُ

أضاقَتْ بِهِ حالٌ أطالَتْ بهِ يَدٌ

أأخَّرَهُ نَقْصٌ أقدِّمَهُ فَضْلُ

يقولونَ وافى حَضْرَةَ المَلِكِ الَّذي

لهُ الكَنَفُ المَأمولُ والنّائلُ الجَزْلُ

وفاضَتْ عليهِ مَطرَةٌ خلفِيَّةٌ

بِها للغَوادي من وِلايتَهِ عِزْلُ

يُذَكِّرُهُمْ باللهِ إلاّ صَدَقْتُهُمْ

لَديَّ أجِدُّ ما تقولونً أم هَزْلَ

ولمَّا بلوْناكًمتلوْنا مديحَكُمْ

فيا طِيبَ ما نَبلو ويا صِدْقَ ما نتلو

كأنَّ أبانا أودَعَ الملكَ الّذي

قصَدْناهُ كَنْزاً لم يَسَعْ ردَّهْ مَطْلُ

فِدىً لَكَ من أبناءِ عصرِكَ مَنْ غدا

ولا قولُهُ علمٌ ولا فِعلُهُ عَدْلُ

أيا مَلِكاً أدنى مناقِبِه العُلى

وأيسَرُ ما فيهِ السَّماحَةُ والبَذْلُ

هُوَ البَدْرُ إلاّ أنَّهُ البَحرُ زاخِراً

سِوى أنَّهُ الضِّرغامُ لكِنَّهُ الوَبْلُ

محاسِنُ يُبديها العِيانُ كما نرى

وإنْ نَحنُ حدّثْنا بها دَفَعَ العَقْلُ

فقولا لو سامَ المكارِمَ باسمِهِ

لِيَهْنِكَ أنْ لم تَبقَ مكرُمَةٌ غُفْلُ

وجاراكَ أفلالُ المُلوكِ إلى العُلى

وحَقّاً لقدْ أعجزْتَهُمْ ولَكَ الفَضْلُ