ألا يا لقومي للهوى المتقسم

أَلا يا لَقَومي لِلهَوى المُتَقَسِّمِ

وَلِلقَلبِ في ظَلماءِ سَكرَتِهِ العَمي

وَلِلحَينِ أَنّى ساقَني فَأَتاحَني

لِأَحبُلِها مِن بَينِ مُثرٍ وَمُعدِمِ

أَقادَ دَمي بَكرٌ عَلى غَيرِ ظِنَّةٍ

وَلَم يَتَأَثَّم قاتِلاً غَيرَ مُنعِمِ

فَقُلتُ لِبَكرٍ عاجِباً أَتَجَلَّدَت

لَكَ الخَيرُ أَم لا تُطمِعُ الصَيدَ أَسهُمي

وَما ذاكَ إِلّا تَعلَمُ النَفسُ أَنَّهُ

إِلى مِثلِها يَصبو فُؤادُ المُتَيَّمِ

وَإِنّي لَها مِن فَرعِ فِهرِ بنِ مالِكٍ

ذُراهُ وَفَرعِ المَجدِ لِلمُتَوَسِّمِ

عَلى أَنَّها قالَت لَهُ لَستُ نائِلاً

لَنا ظِنَّةً إِلّا لِقاءً بِمَوسِمِ

وَقُلتُ لِبَكرٍ حينَ رُحنا عَشيَّةً

عَنِ السِرِّ لا تَقصُر وَلا تَتَقَدَّمِ

لَعَلّي سَتُنبيني الجَواري مِنَ الَّتي

رَأَت عِندَها قَلبي فَلَم تَتَأَلَّمِ

فَلَيتَ مِنىً لَم تَجمَعِ العامَ بَينَنا

وَلَم يَكُ لي حَجٌّ وَلَم نَتَكَلَّمِ

وَلَيتَ الَّتي عاصَيتُ فيها عَواذِلي

لَها قَبِلَت عَقلاً وَلَم تَحتَمِل دَمي

فَرُحنا بِقَصرٍ نَتَّقي العَينَ وَالرِيا

وَقَولَ العَدوِّ الكاشِحِ المُتَنَمِمِ

وَفي العَينِ مَرجوٌّ وَآخَرُ يُتَّقى

فَيالَكَ أَمراً بَينَ بُؤسِ وَأَنعَمُ

فَلَمّا اِكفَهَرَّ اللَيلُ قالَت لِخُرَّدٍ

كَواعِبَ في رَيطٍ وَعَصبٍ مُسَهَّمِ

نَواعِمَ قُبَّ بُدَّنٍ صُمُتِ البُرى

وَيَملَأنَ عَينَ الناظِرِ المُتَوَسِّمِ

رَواجِحَ أَكفالٍ تَباهَينَ قَولُها

لَدَيهِنَّ مَقبولٌ عَلى كُلِّ مَزعَمِ

لَقَد خَلَجَت عَيني وَأَحسِبُ أَنَّها

لِقُربِ أَبي الخَطّابِ ذَلِكَ مَزعَمي

فَقُلنَ لَها أُمنيَّةٌ أَو مَزَحَةٌ

أَرَدتَ بِها عَيبَ الحَديثِ المُرَجَّمِ

فَقالَت لَهُنَّ اِذهَبنَ آمِرُنا مَعاً

لِأَمرِكِ مَجنوبٌ تَبوعٌ فَقَدِّمي

أَمامَكِ مَن يَرعى الطَريقَ فَأَرسَلَت

فَتاةً حَصاناً عَذبَةَ المُتَبَسَّمِ

وَقالَت لَها اِمضي فَكوني أَمامَنا

لِحِفذِ الَّذي نَخشى وَلا تَتَكَلَّمي

فَقامَت وَلَم تَفعَل وَنامَت فَلَم تُطِق

فَقُلنَ لَها قومِ فَقامَت وَلَم لَمِ

تُبِن غَيرَ أَن قَد أَومَأَت فَعَمَدنَها

كَشارِبِ مَكنونِ الشَرابِ المُخَتَّمِ

فَلَمّا اِلتَقَينا باحَ كُلٌّ بِسِرِّهِ

وَأَبدى لَها مِنّي السُرورَ تَبَسُّمي

فَيا لَكَ ليلاً بِتُّ فيهِ مُوَسَّداً

إِذا شِئتُ بَعدَ النَومِ أَكرَمَ مِعصَمِ

وَأُسقى بِعَذبٍ بارِدِ الريقِ واضِحٍ

لَذيذِ الثَنايا طَيِّبِ المُتَنَسَّمِ