سقى عهد الصبا عهد الولي

سَقى عَهدَ الصِبا عَهدُ الوَليِّ

رَوىً وَحَبا حِماه ذو حَبيِّ

وَخَصّ دُوين مَنزِلِهِ مَحَلّاً

حَلَلتُ ذُراهُ في عَيشٍ رَخيِّ

وَأَلبَسَهُ الزَمانُ قَشيبَ بُردٍ

وَشَته يَدُ الغَمائِمِ سُندُسيِّ

وَغَرَّدَتِ الحَمائِمُ في رُباهُ

بِلَحنٍ يَبعَثُ الشَكوى شَجيِّ

وَجُؤذُرَ رَملةٍ يَسبي لِحاظا

لحاظ مَها الصَريم بِحُسنِ زيِّ

يُجَلّى عَن سَنا قَمرٍ سَنيٍّ

وَيُجلى عَن لَمى خصرٍ شَهيِّ

رَخيمٌ دَلُّهُ خَفرَ المُحيّا

يَروقُ بِحُسنِ مَرآهُ البَهيِّ

تَصولُ صَوارِمُ الأَلحاظ مِنهُ

فَتُصمي مُهجَةَ البَطَلِ الكَمِيّ

حَوى في ثَغرِهِ المَعسولِ رَاحاً

لَها فِعلٌ كَفِعلِ البابِلِيِّ

حَلَت بِفَمِ المُعَنّى مِثلَ ما قَد

حَلَت حَلَبٌ بِذي قَدرٍ عَليِّ

إِمامٌ في الفَضائِلِ أَوحَديٍّ

هُمامٌ في المَكارِمِ أَريَحيِّ

أَريبٍ ماجِدٍ شَهمٍ أَبيٍّ

مَهيبٍ باسِلٍ قَرمٍ سَرِيِّ

لَهُ مَجدٌ رَفيعُ القَدرِ يَرنو

إِلى الجَوزاءِ وَالفلك القَصيِّ

وَخُلقٌ مِثلَ زَهرِ الرَوضِ يَزكو

شَذاه عَلى شَذا المِسكِ الذَكيِّ

وَكَفٌّ كَالسَحابِ تَجودُ سَحّاً

عَلى العافي بِشُؤبُوبٍ رَويِّ

بَنى لبني الدُنا بُنيان مَجدٍ

أَوَت مِنهُ إِلى رُكنٍ قَويِّ

وَشيّد لِلعُلى أَركانَ فَخرٍ

رَسَت في المَجدِ كَالطَودِ العَليِّ

بِعَزمٍ في الأَوامر ماضَويٍّ

وَحَزمٍ طارَ عَن زَندٍ وَريِّ

فيا لِلّهِ كَم جادَت يَداهُ

عَلى راجي نَداه بِصَوبِ ريِّ

تَصَدّرَ لِلنَدى بِحراً وَمَن ذا

رَأى بَحراً تَصَدّرَ في نَديِّ

وَنَوّل مِن عُلوم العَقل ما لَم

يَنَلهُ سِواهُ بِالفكرِ الجَلِيِّ

وَأَحيا مِن عُلومِ الدينِ ما قَد

أَماتَ الجَهلُ في الزَمَنِ الخَليِّ

فَيا مَولىً لَهُ رُتَبٌ تَسامَت

عَلى الشِعرى بِسُؤددها السَنيِّ

وَيا حَرَم النَدى يا رُكنَ فَضلٍ

وَيا قَمرَ النَدامى وَالنَديِّ

وَيا خَيرَ امرِئٍ أَمَّت إِلَيهِ

مَطايا العَزمِ مِن بِلَدٍ قَصِيِّ

إِلى عُليا حِماكَ الرَحبِ وافَت

مُهَنِّئَةً بِمَنصِبكَ الهَنِيِّ

وَدُونَكَ قَد تَبَدّت فَاِجتَليها

عَروسُ حُلىً تَهادى بِالحُليِّ

وَمُوشي بُردها الفَضفاضِ يُنمي

إِلى كَرَمِ النجارِ الطالَوِيِّ

فَتى الآدابِ مِن زَمَنِ التَصابي

يُعانيها بِفَهمٍ أَحوَذِيِّ

غَريبٌ في دِيارِ الرُومِ أَمسى

يُعاني سَورة الزَمَن الأَبيِّ

يَحِنُّ إِلى دِمَشقَ وَساكِنيها

حَنينَ حَمامَةٍ بِفَنا أُشَيِّ

إِذا ناحَت عَلى إِلفٍ تَراهُ

يُساجِلُها بِمَدمَعِهِ السَخيِّ

وَقَد وافى جَنابَك يا إِماماً

وَلَم يَعدِل عَنِ النَهجِ السَويِّ

فَهَل لَكَ يا عَليَّ القَدرِ يَوماً

لِمَن وَالاكَ مِن عَهدٍ وَفيِّ

بَقيتَ بِنِعمَةٍ تَنمى وَعَيشٍ

ثَوَت بِظِلالِهِ النُعمى هَنيِّ

وَلا تُغبب لَكَ الأَنواءُ رَبعاً

رَواءً بِالغَداة وَبِالعَشِيِّ

مَدى الأَيّامِ ما حنَّ اِشتِياقاً

غَريب إِلى الوَطَنِ الرّخِيِّ

وَزَمزَمتِ الحُداة بِذكرِ سَلمى

وَغَنّت في الحِمى شَوقاً لِمَيِّ