طحا به في الحسان الغيد حيث طحا

طَحا بِهِ في الحسان الغِيد حَيثُ طَحا

قَلبٌ عَلى العَهدِ مِن لَمياءَ ما بَرِحا

هَيفاء تُخجل غصنَ البانِ مُنعَطِفاً

وَالريمَ مُلتفتاً وَالظَبيَ إِن سَنَحا

صِغر الوَشاحين رَيّاً الحجل ما سَفَرت

إِلّا أَغارَ سَناها الشَمسَ وَقتَ ضُحى

رُودٌ تُخَطِّرُ في بُردَي صِباً وَهَوىً

وَتَنثَني التِيهَ مِن سُكر الصِبا مَرَحا

سَقى الصِبا وَالشَبابُ الرُوقُ وَجنَتها

ماءً مِنَ الحُسنِ مَغبُوقاً وَمُصطَبَحا

حاوَلتُ رَشفَ اللَمى مِن بَرد رِيقَتِها

أُطفي بِهِ مِن لَهيب الوَجدِ ما لقَحا

فَأَعرَضت لِبياضٍ لاحَ قائِلَةً

يا بُعدَهُ مُنتَبِذاً عَنّا وَمُطَّرِحا

هَيهاتَ وَصلُ الحِسان الغانيات وَفي

لَيل الشَبيبة صُبحُ الشَيبِ قَد وَضَحا

فَقُلتُ وَالعَينُ شَكرى وَالفُؤادُ بِهِ

رَسٌّ أُكابِدُ مِنهُ الوَجدَ وَالبَرَحا

ما ذاكَ عُوفيتِ يا لَمياءُ مِن كِبَرٍ

إِنّي وَطَرفِ الصِبا المَقرور ما قَرَحا

وَإِنَّما نُوَبُ الأَيّام جئنَ بِهِ

كَما تَرَينَ وَدَهرٌ طالَ ما اِجتَرَحا

غَدَت تُكَلِّفُني فيهِ العُلا شِيَمٌ

وَعَزمَةٌ لا تَني تَنحوهُ حَيثُ نَحا

وَهِمّةٌ لَيسَ تَرضى النَجمَ مَنزِلَةً

تُعزى لِقَلبٍ إِلى العَلياءِ قَد كَدَحا

وَمَنطِقٌ تَنظِمُ الجَوزاءُ رُؤيَتَهُ

لَكِن بِوَصفِ عِمادِ الدينِ قَد كَدَحا

مَولىً مَآثرُهُ تَستَغرقُ المِدحا

لِذاكَ يَقصُرُ عَنها كُلُّ مَن مَدَحا

مِن سادَةٍ وَرِثوا العَلياءَ وَاِقتَسَموا

مَآثر المَجدِ فيما بَينَهُم مِنَحا

مِن كُلِّ أَزهرَ بادي البشر غُرّتُه

تَلُوح في مُدلهمّاتٍ دَجت وَضُحا

يُبدي مُحيّاً يُريكَ البَدر طَلعَتُهُ

يَغُضُّ مِنهُ حَياءً كُلُّ مَن لَمَحا

إِلى شَمائِل تَندى كَالرِياض إِذا

ما وابلُ المُزنِ فيها دَمعَهُ سَفَحا

إِمام أَهلِ التُقى وَالعلم شيمَتُهُ

بَذلُ النَدى مِن أَيادٍ سَيبُها رَشَحا

تَغدُو الأَمانيُّ حَسرى دونَ هِمّتِهُ

إِذا يَروحُ عَلى العَلياء مُقتَرِحا

فَلُذ بِهِ طَودَ عَلمٍ لَو تُوازِنُهُ

هِضابُ رَضوى عَلى مِقدارها رَجحا

يُريكَ مِن لَفظِهِ الكَشاف إِن نَطَقَت

عُليا بِلاغَتِهِ ما يُخرسُ الفُصَحا

فَكَم بِهِ مِن مُشكلٍ لِلفَهمِ قَد وَضَحا

وَمُقفَل بِدَقيق الفِكرِ قَد فُتِحا

لَهُ يَراعٌ إِذا يَعلُو أَنامِلُهُ

شاهدتَ أَروع بِالخَطيَّةِ اِتَّشَحا

وَإِن مَشى في أَعالي الطِرسِ مَرقَمُه

تَخالُ أَرقمَ وَسط الرَوضِ فاهُ شَحا

ما الليثُ إِن جَرحا وَالغَيثُ إِن رَشَحا

وَالدَهرُ إِن سَمَحا وَالبَحرُ إِن طَفَحا

أَمضى شَباً مِنهُ أَدنى مَنهُ وَقع فِدىً

أَندى يَداً مِنهُ أَوفى مِنهُ إِن سَمَحا

فَقُل لِمَن رامَ في فَضلٍ يُماثِلُهُ

أَقصِر عَدِمتُكَ وَاقبَل نُصحَ مَن نَصَحا

إِنّ المَعالِيَ ما بَينَ الوَرى مِنَحٌ

مَقسومَةٌ وَإِلهُ العَرشِ قَد مَنَحا

وَهاكها مِن بَناتِ الفِكرِ غانِيَةً

فُؤادُها لِسوى مَغناكَ ما جَنَحا

تَخالها رَوضةً غَنّاءَ قَد لَبِسَت

مَطارفَ النُورِ في أَعطافِها وَشَحا

حَلَّت عُرى الدَلوِ فيها لِلجَنوب يَدٌ

بَيضاءُ وَالطَيرُ في أَغصانِها صَدَحا

مِن عَبدِ رقٍّ تَرَجّى أَن تُكاتِبَه

فَضلاً لِيَرتاض دَهر بَعدَما جَمَحا

لا زِلتَ تَحمي حَريمَ الفَضلِ في بَلَدٍ

بِهِ أُناسٌ لِبُهم القاع إِذ سَرَحا

تَظاهَروا بِنفاق الغَيِّ بَينَهُم

حَتّى اِدّعاهُ عَلى مَكروههِ الفُصَحا

ما أَمَّ ساحَكَ طُلّابٌ وَما حَمَلَت

غَوارِبُ الإِبلِ الغادينَ وَالرُوَحا