لمن يرى منطق للعقل سحار

لِمَن يَرى مَنطق لِلعَقلِ سَحّارُ

ما فاه إِلّا وَحارَت فيهِ أَفكارُ

وافى إِلَيَّ كِتابٌ مِنهُ ذَكَّرَني

شَرخَ الصِبا حَيثُ دارُ اللَهو لي دارُ

أَيّامَ غُصنُ المُنى يُزهى بِنَضرَتِهِ

وَالدَهرُ طَلقُ المُحيّا وَالهَوى جارُ

لا بَل كَزَهرِ الرُبى باتَت تُفَتِّحُه

يَدُ الصِبا وَكَسَتهُ الوَشيَ أَمطارُ

أَوِ الشَمولُ أَدارَتها شَمائِلُ مَن

في رِيقِهِ العَذب لا في الخَمرِ إِسكارُ

في طَيِّهِ بَعدَ نَشرِ الشَوقِ أَسرارُ

لِلنَفسِ فيها مُنىً تُقضى وَأَوطارُ

مِنها اِرتَشافي ثَغرَ الكاسِ وَسط رُبىً

شَدَت عَلى دَرحِهِ المُخَضلِّ أَطيارُ

في فِتيَةٍ كَالنُجومِ الزُهرِ سارَ بِها

بَدرٌ لَهُ في سَماءِ المَجدِ أَنوارُ

لاسِيَّما يَومَ نَثر الطَلُّ لُؤلُؤهُ

عَلى بِساطِ رُبى تَكسُوه أَزهارُ

في رَوضَةٍ سَحَراً غَنَّت بَلابِلُها

وَكُلُّ أَوقاتِها لِلصَبِّ أَسحارُ

وَالجَوُّ مُضطَرِبٌ وَالغَيثُ مُنسَكِبٌ

وَالصَبُّ مُرتَقب وَالكَأسُ مِدرارُ

فَقُم نُجَدّد عُهودَ الكَأسِ يا أَملي

فَلي إِلى الكَأس تحنانٌ وَتِذكارُ

وَلُح لَنا عِندَ شَمسِ الراح بَدرَ عُلاً

هالاتُهُ أَنجُمٌ مِنّا وَأَقمارُ

وَاِسلَم وَدُم ما سَرى نَجمٌ وَما طَلَعَت

شَمسُ الضُحى وَبَدا في الأُفق سَيّارُ

مُمَجّد المَجد مَغبوطُ المَقام كَما

تَشاءُ تَجري بِما تَختارُ أَقدارُ

زُهر تُغازِلُها بِاللَحظِ أَزهارُ

وَسط الرُبى أَم نَسيمُ الرَوضِ مِعطارُ

أَم سَلسَلَ الراح بالماءِ القُراحِ لَها

أَشِعّةٌ في يَدِ الساقي وَأَنوارُ

أَمِ اللّالئُ في سلك النِظامِ زَهَت

قَد نَظّمتها عَلى اللّبّات أَبكارُ

أَم نَظم مَن بَهَرَت آياتُ مَنطِقِهِ

لِلناظِرينَ فَحارَت فيهِ أَبصارُ

الفاضِلُ الأَلمَعِي الفَهم لا بَرِحَت

لَهُ الشَبيبةُ دار وَالهَوى جارُ

وَلا تَعطَّل سَعيُ الكاسِ مِن يَدِهِ

وَلا الطَوافُ لِتُقضى فيهِ أَعمارُ

فَمُنذُ زَمزَم في ذاكَ المَقام صَفا ال

راووقُ وَزالَت وَقَد لَبيتَ أَكدارُ

في رَوضَةٍ جَرَحَت خَد الشَقيقِ بِها

عُيونُ نَرجِسِها وَالشُربُ نَظارُ

وَالزَهرُ مُبتَسِمٌ وَالطَلُّ مُنسَجِمٌ

وَالريحُ مُنتَسِم وَالراحُ مِدرارُ

مِن كَفِّ ساقٍ كَبَدرِ التِمّ طَلعَتُهُ

إِذا بَدَت تَختَفي في الأُفق أَقمارُ

عَذبُ المُقبّلِ مَعسولُ الرضابِ لَنا

في ريقِهِ العَذب لا في الخَمر إِسكارُ

بِظلِّ أَفيح راقت فيهِ أَزهارُ

وَغَرّدت في رُبا مَغناه أَطيارُ

عَلا مَقاماً عَلى نَهرِ الأُبلّةِ إِذ

جَرَت خِلالَ رُباه الفيح أَنهارُ

وَهاكَها غادَةً لا عَيبَ نِيطَ بِها

كَما تَرى غَيرَ أَنّ الطَرفَ سَحّارُ

لَو أَنَّ مِهيار جاراها النَسيبَ لَما

فاقَ الأُلى بِنَسيبِ الشِعر مِهيارُ

فَدُم مُعاناً مُعين الدينِ ذا لَسَنٍ

عَذبَ المَقالِ لا خانَتكَ أَفكارُ