ثم سمعنا برهان نأمله

ثُمَّ سَمِعنا بُرهانٍ نَأملُهْ

قَيدٌ لَهُ مِن كُلِّ أُفقٍ جَحفَلُهْ

فَقُلتُ لِلسائِسِ قُدهُ أَعجِلُهْ

وَاِغدُ لَعَنّا في الرِهانِ نُرسِلُهْ

فَظَلَّ مَجنوناً وَظَلَّ جَمَلُهْ

بَينَ شِعبَينِ وَزادٍ يَزمَلُهْ

نَعلو بِهِ الحَزنَ وَلا نُسَهِّلُهْ

إِذا عَلا الأَخشَبَ صاحَ جَندَلُهْ

تَرَنُّمَ النُوَّحِ تَبكي مَثكَلهْ

كَأَنَّ في الصَوتِ الَّذي يَفصِلُهْ

نَقّارَ دُفٍّ يَتَغَنّى جُلجُلُهْ

حَتّى وَرَدنا المِصرَ يَطوي قَنبلُهْ

طَيَّ التِجّارِ العَصبَ إِذ تَنَخَّلُهْ

وَقَد رَأَينا فِعلَهُم فَنَفعَلُهْ

نَطويهِ وَالطَيُّ الرَقيقُ يَجدِلُهْ

نُضمِّرِ الشَحمِ وَلَسنا نَهزُلُهْ

حَتّى إِذا اللَيلُ تَوَلّى أَثجَلُهْ

وأَتبَعَ الأَيديَ مِنهُ أَرجُلُهْ

قُمنا عَلى هَولٍ شَديدٍ وَجَلُهْ

نَمُدُّ حَبلاً فَوقَ خَطِّ نَعدِلُهْ

نَقولُ قَدِّم ذا وَهَذا أَدخِلُهْ

وَقامَ مَشقوقُ القَميصُ يُعجِلُهْ

فَوقَ الخَماسِيِّ قَليلاً يَفضُلُهْ

أَدرَكَ عَقلاً وَالرِهانُ عَمَلُهْ

حَتّى إِذا أَدرَكَ خَيلاً مُرسَلهْ

ثارَ عَجاجٌ مُستَطيرٌ قَسطَلُهْ

تُنفِشُ مِنهُ الخَيلُ مالا تَغزِلُهْ

مَرّاً يُغَطّيها وَمَرّاً تُنعَلُهْ

مَرَّ القَطا اِنصَبَّ عَلَيهِ أَجدَلُهْ

وَهوَ رَخِيُّ البالِ ساجٍ وَهَلُهْ

قَدَّمَهُ مِثلاً لِمَن يَمتَثِلُهْ

تُطِيرُهُ الجِنُّ وَحيناً تَرجُلُهْ

تَسبَحُ أُخراهُ وَيَطفو أَوَّلُهْ

تَرى الغُلامَ ساجِياً ما يَركلُهْ

يُعطيهِ ما شاءَ وَلَيسَ يَسأَلُهْ

كَأَنَّهُ مِن زَبَدٍ يُسَربِلُهْ

في كُرسُفِ النَدّافِ لَولا بَلَلُهْ

تَخالُ مِسكاً عَلّهُ مُعَلِّلُهْ

ثُمَّ تَناوَلْنا الغُلامَ ننُزِلُهْ

عَن مُفرِعِ الكَتِفَينِ حُلو عَطِلُهْ

مَنتَفِخُ الجَوفِ عَريضٌ كَلكَلُهْ

فَوافَتِ الخَيلُ وَنَحنُ نُشكِلُهْ

في ذي شَكيمٍ عَضَّهُ يَرمِلُهْ

وَالسَوطُ في يَمينِهِ ما يُعمِلُهْ

يَجولُ في أَشطانِهِ وَيُسعِلُهْ

تَعَمُّج الماءِ يَفيضُ جَدوَلُهْ

كُلَّ مُكِبِّ الجريِ أَو مُنعَثِلُهْ

وَالضَربُ يَخشوها بِرَبوٍ تَسعُلُهْ

كَأَنَّ تُربَ القاعِ حينَ تُسحِلُهْ

صَيفَ شَياطينٍ زَفَتهُ شَمأَلُهْ

أَمّا إِذا أَمسى فَمُفضٍ مَنزِلُهْ

نَجعَلُهُ في مَربَطٍ وَنَجعَلُهْ

طارَ عَن المُهرِ نَسيلٌ يَنسُلُهْ

ثَمَّ جَذَبناهُ فِطاماً نَفصِلُهْ

مِن مشيِهِ في شَعَرٍ يُذيِّلُهْ

تَمَشِّيَ المَلِكِ عَلَيهِ حُلَلُهْ

وَرَّعَ فَما كادَ إِلَيهِم يَعدِلُه

وَالجِنُّ عُكّافٌ بِهِ تَقَبِّلُهْ

وَهوَ نَشيطُ النَفسِ حُرٌّ طَلَلُهْ