المزن أنهل ساكبه

المزن أنهل ساكبه

كالدرّ من أعين الغمام

والرّوض فاحت أطايبه

والزهر قد فتح الكمام

والبدر جاشت كتائبه

حتى هزم عسكر الظلام

والعذب نوم مراقبه

قم يا نديم هات لي المدام

صهبا تشعشع كاللهب

يا قوتها فيه الحب

وقل لدرىّ الشنب

يشرب ويسقى صويحبه

نبت الكروم صفوة الكرام

والراح قد طاب شاربه

لا عتب في ذا ولا ملام

هذا مقام جامع الكمال

من خمر رائق وخمر ريق

اشرب وان حلّ بك ملام

فالريق يطفي لك الحريق

من فيّ عذب اللما الغزال

الحسن والزين به يليق

غصن يلاعب ذوائبه

يفترّ عن جوهر النظام

قد قدّد الجيب النهود

وزين الورد الخدود

مهلا تحت البنود

يرمي على قوس حاجبه

من المقل لحظ كالسهام

ما حسن يوسف يناسبه

كلا ولا البدر في التمام

إذا بدا يخجل الشموس

وان مشى يزري الغصون

وان نطق يسلب النفوس

بالجدّ تارة وبالجنون

الحظ له والخطا يبوس

في طاقيه ساجي العيون

والغيد تخضع لجانبه

وتعترف أن له التمام

وهتانة قد زانها

ودعجها في أعيانها

في صدرها رمانها

ان زين الدرّ ثاقبه

فثغرها زانه الوشام

يقال لم لا تواظبه

ودونه الضرب بالحسام

الدّهر مطبوع بالكدر

فاستعمل الصفو ما استطعت

لا بدّ أن ينفذ القدر

صبرت أو لم تكن صبرت

اصبر وان حلّ بك ضجر

واستعطف اللَه ما قدرت

ما خاب في الناس طالبه

أصلاً ولا جاره يضام

يغضب إذا لم تطالبه

وابن آدم يغضبه

كثر السؤال ويكربه

غمرت وعمت مواهبه

فأوجده واعدم الأنام

لم يخش تعنيف حاجبه

ولن يضيق بابه الزحام