مطرب الصبح هيج الطربا

مُطَرِّبُ الصُّبْح هَيَّجَ الطَّرَبا

لَمّا قَضَى الليْلُ نَحْبَهُ انْتَحَبا

مُغَرِّدٌ تَابَع الصِّياحَ فَما

نَدْري رِضاً كانَ ذَاكَ أَمْ غَضَبا

ما تُنْكِرُ الطَّيْرُ أَنَّهُ مَلِكٌ

لَها فَبِالتّاجِ رَاحَ مُعْتَصِبا

طَوَى الظَّلامُ البُنُودَ مُنْصَرِفاً

حِينَ رَأَى الفَجْرَ يَنْشُرُ العَذَبا

واللَّيْلُ مِنْ فَتْكَةِ الصَّباحِ بِهِ

كَراهِبٍ شَقَّ جَيْبَهُ طَرَبا

فَبَاكِرِ الخَمْرَةَ التي تَرَكَتْ

بَنانَ كَفِّ المُديرِ مُخْتَضبا

كأَنَّما صَبَّ في الزُّجاجَةِ مِنْ

لُطْفٍ ومِنْ رِقَّةٍ نَسيمَ صَبا

ولَيْسَ نارُ الهُمومِ خامِدَةً

إِلا بِنورِ الكُؤوسِ مُلْتَهِبا

يَظَلُّ زِقَّ المُدامِ مُمْتَهناً

سَحْباً وَذَيْلُ المُجونِ مُنْسَحِبا

ومُقْعَدٍ لا حَرَاكَ يُنْهِضُهُ

وهو على أَرْبَعٍ قَدِ انْتَصَبا

مُصَفَّرٍ مُحْرِقٍ تَنَفُّسَهُ

تَخَالُهُ العَيْنُ عاشِقا وَصِبا

إِذا نَظَمْنا في جِيدِهِ سَبَجاً

صَيَّرَهُ بَعْدَ ساعَةٍ ذَهَبا

فَما خَبَتْ نارُنا ولا وَقَفَتْ

خُيولُ لَهْوٍ جَرَتْ بِنا خَبَبا

وسَاحِرِ الطَّرْفِ لا نِقابَ لَهُ

إِذْ كَانَ بِالْجُلَّنارِ مُنْتَقِبا

جَنَيْتُ من ثَغْرِهِ وَوَجْنَتِهِ

بِلَحْظِ عَيْنَيَّ زَهْرَةً عَجَبا

شَقائِقاً مُذْهباً يُرى خجلا

وأُقْحُواناً مُفَضَّضاً شَنَبا

حتّى إِذا ما انْتَشى ونَشْوَتُهُ

قَدْ سَهَّلَتْ مِنْهُ كُلَّ ما صَعُبا

غَلَبْتُ صَحْبي عليهِ مُنفرداً

بِهِ وهَلْ فازَ غَيْرُ مَنْ غَلَبا

أَرْشُفُ رِيقاً عَذْبَ الَّلمى خَصِراً

كأَنَّ فِيهِ الضَّريبَ والضَّرَبا