نعم الورى بسوابغ النعماء

نَعِمَ الْوَرَى بِسَوابِغِ النَّعْماءِ

وَنَجَوْا مِنَ الْبأْساءِ والضَّرَّاءِ

عَضَدَ الآلهُّ أَبا الْوَفاءِ بِنَصْرِهِ

عَضُدَ الخْلافَةِ سَيِّدَ الأُمَراءِ

فأُرِيحَ قَلْبِي مِنْ جَوَى الْبُرَحاءِ

وَلَهيبِ نَارِ الْوَجْدِ وَالأدْواءِ

عَادَ الزَّمانُ إلىَ نَضارَةِ عَيْشِهِ

وَأُزِيلَتِ الْبَأساءُ بالسَّرَّاءِ

قَدْ واصَلَ النَّصْر للتْابِعَ سَيْفُهُ

كَوِصالِ حِبٍّ كارِهٍ لِجفَاءِ

فِي كُلِّ يَوْمٍ للأَعادِي وَقْعَةٌ

مِنْهُ تُبِيدُهُمُ وَسَيْفُ فَناءِ

فَتَراهُمُ لَمَّا رَأَوْهُ مُقْبِلاً

كَالشَّاءِ يَنْفُرِ مِنْ أُسُودِ ضِرَاءِ

صَرْعَى وَقَتْلَى وَالَّذِي فاتَ الرَّدَى

مِنْهُمُ حَلِيفُ الذُّلِّ في الأُسَراءِ

ضَحِكَتْ بِه الأَيَّامُ بَعْدَ قُطُوبِها

وَجَلا الضِّياءُ بِهِ دُجَى الظَّلْماءِ

فَصلُوا السُّرُور قَضَاءَ ما عايَنْتُمُوا

بِالأَمْسِ مِنْ هَمٍّ وَمِنْ بُرَحاءِ

قَدْ عُوفِي اللَّيْثُ الْمُطِلُّ عَلى الغْدِا

مِنْ كُلِّ مَا يَشْكُو مِنْ الَّلأْواءِ

وَأَتاهُ نَصْرٌ مِنْ إلهٍ مُنْعِمٍ

يَقْضِي لَهُ أَبَداً بِخَيْرِ قَضاءِ

أَعْيَيْتَ حيلَتَهُمْ وَفُتَّ مَدَاهُمُ

مِنْ غَيْرِ إِتْعابٍ وَلا إِعْيَاءِ

نَثَرَتْ سُيُوفُكَ بِالْفَضاءِ أَكُفَّهُمْ

فَكَأَنَّهُمْ فِيهِ حَصَى الْبَطْحاءِ

وَعطَفْتَ خَيْلَكَ خاطِفاً أَرْوَاحَهُمْ

مِنْ غَيْرِ إمْهَالٍ وَلا إِبْطاءِ

أَنْتَ الْمُعَظَّمُ فِي الزَّمانِ وَمَنْ لَهُ

ذَلَّتْ رِقابُ السَّادَةِ الْعُظَماءِ

أَبَتِ الإمارَةُ أَنْ تَزَوَّجَ غَيْرَهُ

مِنْ بَعْدِ ما خُطِبَتْ أَشَدَّ إِباءِ

وَعَصَى الْمَدِيحُ فَلَيْسَ يُعْطي طَاعَةً

إلاَّ لَهُ فِي سُؤْدَدٍ وثَنَاءِ

يَلْهُو بِأَبْطالِ الرُجِّالِ شَجاعَةً

لَهْوَ الْمُلاعِبِ فازَ بِالأهَوْاءِ

مَلِكٌ أَبَرَّ عَلَى الْمُلُوكِ بِبَأْسِهِ

وَقَبُولِهِ مِنْ سَيِّدِ النُّصَحاءِ

أَحيا مُحَمَّدٌ بْنُ يَحْيى دَوْلةً

بِصَحِيحِ عَزْمٍ صائِبِ الأراءِ

زَيْنُ الكِتابَةِ وَابْنُ مَنْ ذَلَّتْ لَهُ

وَعَلَيْهِ قِدْماً كِتْبَةُ الْخُلَفاءِ

مِنْ بَعْدِ ما ظَنَّ الأَعادِي أَنَّهُ

سَيَكُونُ مَنْ نَاوَاهُ ذا اسْتِعلاءِ

إذْ ساوَرَ الإسْلامَ سُقْمٌ قاتِلٌ

لَوْ لَمْ يُدارِكْ سُقْمَهُ بِشِفاءِ

فَرَماهُمُ مِنْ رَأْيِهِ بِنَوافِذٍ

تُهْدَى بِلا هادٍ إلَى الأَحْشاءِ

وَرَأَى حَبَالَى رَأْيِهِ شَرَكاً لَهُمْ

فَهُوَوْا لَحْمئَتِهِ هُوىَّ دِلاءِ

في كارَ يُرْجَى عَيْنُ رَأْى مُجَرِّبٍ

مَاضِي الْحُسامِ لِحَسْمِ هَذَا الدَّاءِ

سَلْ بِالأمِيرِ وَسَيْفِهِ مَنْ رَامَهُ

أَوْ هاجَهُ فِي حَوْمَةِ الْيجَاءِ

ضِرْغامُهُ دَامي الأظَافِرِ كُلَّمَا

عَرَتِ النَّوائِبُ مِن دَمِ الأَعْدَاءِ

فَكَأَنَّهُ فِي سَرْجِهِ يَوْمَ الْوغَا

بَدْرٌ تَلأْلأَ فِي سُعُودِ سَمَاءِ

وكَأَنَّما قُوَّادُهُ مِنْ حَوْلِهِ

مُسْتَلِئْمِيَن كَواكِبَ الْجَوْزاءِ

مُتَلَبِّسٌ جِلْبَابَ صَبْرٍ تَحْتَهُ

قَلْبٌ كَمِثْلِ الصَّخْرَةِ الصَّمّاءِ

شَرَدَ الأَعادِي خَوْفُهُ فَكَأَنَّهُمْ

خَرِقُ النَّعامِ بِقَفْرَةٍ بَيْدَاءِ

أَوْ كُدْرُ سِرْبِ قَطاً أَضَرَّ بِها الصَّدى

فَتَساقَطَتْ عَطَشاً إلَى الأَحْشاءِ

عَطَفَ الرِّجالُ إلَيْهِمْ فَتَعَطَّفُوا

لِلأْسْرِ وَالإِذْلالِ فِعْلَ نِساءِ

وَأَتَى الأَمِيرُ بِعِزَّةٍ وَمَهابَةٍ

يَخْتالُ بَيْنَ غِنىً وَبَيْنَ غنَاءِ

خَصِبَتْ بِهِ بُغْدادُ بَعْدَ جُدُوبِها

وَتَلَبَّسَتْ مِنْهُ ثِيابَ رَخاءِ

هذا وَفِي أَيَّامِ بَجْكَمَ كَمْ لَهُ

مِنْ صِدْقِ عارِفَةٍ وَحُسْنِ بَلاءِ

تَسْوَدُّ أَيْدي غَيْرِهِ فِي حَرْبِهِ

فَيُضِيئُها قَيدٍ لَهُ بَيْضاءِ

أَطْنابُ بَأْسِكَ يَوْمَ حَرْبِكَ عُلِّقَتْ

لِعُلُوِّها بِكَواكِبِ الْعَوَّاءِ

فَضَلَتْ كَفَضْلِ بَنِي النَّبِيِّ وصَهْرِهِ

فِي نُبْلِ قَدْرِهِمُ بَنِي الطَّلقَاءِ

فَرَقِيتَ فِي دَرَجَ الْمَعالِي صاعِداً

تَعْلُو عَلَى الْعظُمَاءِ وَالْكُبَرَاءِ