لا تلوموا الدهر في أعماله

لا تَلوموا الدهر في أَعماله

لَيسَ للدهر سوى تلك العبر

وافحصوا أَعمالكم كَي تبصروا

شؤمها يَبدو عيانا للبصر

كلما فكر فيكم مصلح

عاد تصلي رأسه بعض الفكر

رب ذي نصح رمى أَخلاقكم

فاِنثَنَيتُم عنه تَرمون الحجر

غير ان الخطب يَزداد إِذا

جال في نشاتنا منا النظر

حيث نَلقاهم كَما سوف تَرى

في حَياة هي أَسباب الخطر

حب ابراهيم في يوم مَضى

زَينبا وَالحسن ضمت زينب

ابصرت فيه جَمالا مسها

مها في قلب ضَعيف عقرب

جس كل منهما نبض الَّذي

اصبحت منه الحَشا تَلتَهِب

حررا اذ ذاك صكا كتبا

لوحه توا بما لا يكتب

وَمَشى كل ولكن تركا

مقلة تَزهو وَعينا تنحب

يحسبان اليوم عام للقا

وَاللقا وَيلاه لا يقترب

راح ابراهيم يَجري خببا

نحو دار البنت يلقى الوالدا

طالبا درته من صدف

ناظرا للرد شكلا اسودا

مُستَعينا بالَّذي يعرف في

نفسه ان رام ان يسترشدا

معملا فكرته في شرف

حاسبا أَقوى شَفيع سؤددا

ناظِرا حسنه في مرآته

وَهُوَ لا زالَ ظَريفا امردا

راقِصا للعرس من فرحته

وَبِهِ أَسعَد عيش واجِدا

لَم يكد يسمعه يذكرها

وَجلا حَتّى ازاحَ الوجلا

رافِضا مطلبه مستنكفا

هادما للطفل ذاك الهيكلا

قارئا فيه وَفيها انه

غير كفء ناقما مُستَثقِلا

لاعِنا جرأته في طلب

شاهد السخط به وَالخطلا

مظهرا عجبا له مستكبرا

مستلذا فيه ذاك الخيلا

ضاربا صفحا عَلى ما ضم ما

بين طيات اللَيالي غافِلا

دخل الوالد للبيت وَفي

وَجهه آيات غش بادية

معلنا للبنت ما ازعجه

حاسبا فيه وجود الدامية

ليس يَرضاها له اذ انه

مفلس يَمشي بها للهاويَة

وَلَقَد وافاه قبلا احمد

باذلا فيها المهور الغالية

وَهُوَ قَد اعطاه اياها وَفي

مثله تَسعى الفَتاة الغانية

لَيسَ يَعنيه اِرتَضَت اعمال من

باعها ام لم تكن بالراضية

سمعت زينب ما فاه به

والد يحسبها مثل الجماد

فاِستَعانَت بالبكا عَن لومه

وَهُوَ في دمعتها يَلقى العناد

لست أَرضى غير ابراهيم لي

قولها وهو سداد في سداد

فاِتركوني انتخب زَوجي وَلا

تَمنَعوني انني لست جماد

انه نصفي فَلا يَختاره

غير نصفي تلك آراء الرشاد

ثوب قطن وَالهَنا أليق بي

من نسيج الخز في ثوب الحداد

أَبرق الوالد مدفوعا بما

قَد رأى من لهجة فيها الصَواب

واِستَوى يَحتال في تَعذيبها

واجدا روح انتقام في العَذاب

وَهيَ لا تسمعهم في بيتها

غير أَصوات البكا والانتحاب

صدرها رحب وَفي طياته

حب ابراهيم اتمام النصاب

ان يَقولوا حاولي نسيانه

زاد في أَحشائها منه اضطراب

أَو أَرادَت بالَّتي اقناعهم

قابلوا الحجة منها بالسباب

حملوها وَهيَ رمز اللطف ما

لَيسَ في امكانها أَن تَستَطيع

اعملوا المنجل في زهرتها

جندَلوها بين أَوراق الرَبيع

واِستَباحوا صنعهم تبا له

في عصور نحن فيها من صَنيع

لَيتَ شعري أَي نفس لا تَرى

ذلة في ذلك الأَمر الفَظيع

أَي شخص لا يَرى الخنجر في

قَلبه أَولى بذا الصنع الشَنيع

وَهُوَ لا يَحتاج في الناس إِلى

ناصر تلك المَبادي أَو شَفيع

غابَت الشمس وَفيها أَمل

لوجود البنت في وقت الصَباح

وَهيَ قَد سارَت إِلى مخدعها

تعمل الجهد لاخماد الجراح

يا لَها من ليلة لَيلاء قَد

صرع الجد بها ذاكَ المُزاح

وَإِذا ما طلعت شمس الضحى

وَأَعادَت روح هاتيك البطاح

كانَت البنت تلاقيها وَفي

روحها طعنة ذياك الكفاح

وَهيَ كالمُعتاد الا أنها

في الفَضا طوعا لأَغراض الرياح

بعد يوم كانَ ابراهيمها

فوق رمس ضمها بين الرموس

حامِلا زهرا بَديعا قَد حَوى

من بَديع الحسن ما تَحوي الغروس

وَهُوَ يَبكي ربة الحسن الَّتي

بعده أَمسَت إِلى الدود عروس

لاعنا أَخلاقنا مُستَبشعا

عادة آباءنا كانَت تدوس

هَكَذا أَمسَت تناجي روحة

روحها بين انقباض وَعبوس

يجمع الأزهار لكن يا ترى

للتي في قبرها أَم للشموس