لما وردت الماء صار لهيبا

لمّا وَرَدتُ الماءَ صارَ لهيبا

وبحُبِّها أستَعذِبُ التّعذيبا

لم أنسَ ليلاً فيه حلَّت شَعرَها

فشَمَمتُهُ زهراً تضوَّعَ طِيبا

وفمي بفيها لاصقٌ وأضالعي

كادت تشقُّ ضلوعَها تقريبا

فرنت إليَّ وأغمَضت أجفانها

ففَتَحتُ قلبي للنّعيمِ رَحيبا

وهَوايَ أنساني البريَّةَ كلَّها

وجَوايَ ذوَّبَ مُهجتي تذويبا

وكأن أنفاسَ الخميلةِ حَولنا

سارت تُرَجِّعُ زَفرةً ونحيبا

أكذا نموتُ لكي نفوزَ بقبلةٍ

كانت على ظمأ الغرامِ لهيبا

الغانياتُ ضَحِكنَ من شُهَدائنا

وأرَينهُم يومَ الوصالِ عَصيبا

وزَعمنَ هزءاً أنهنَّ رَحَمنَهُم

ولهم جَعَلنَ من الخصورِ نصيبا

ذاك النصيبُ هو النحولُ وهكذا

نُعطي خَصيباً آخذين جَديبا

فورحمةِ العشّاقِ لستُ براجعٍ

حتى أرى عِنبَ الخدودِ زَبيبا