أيحلو لمن لا صبر ينجده صبر

أَيَحلو لِمَن لا صَبرَ يُنجِدُهُ صَبرُ

إِذا ما اِنقَضى فِكرٌ أَلَمَّ بِهِ فِكرُ

أَمُمعِنَةً في العَذلِ رِفقاً بِقَلبِهِ

أَيَحمِلُ ذا قَلبٌ وَلو أَنَّهُ صَخرُ

عَذيري مِنَ اللائي يَلُمنَ عَلى اَلهَوى

أَما في الهَوى لَو ذُقنَ طَعمَ الهَوى عُذرُ

أَطَلنَ عَلَيهِ اللَومَ حَتّى تَرَكنَهُ

وَساعَتُهُ شَهرٌ وَلَيلَتُهُ دَهرُ

وَمِنكِرَةٌ ماعايَنَت مِن شُحوبِهِ

وَلا عَجَبٌ ما عايَنَتهُ وَلا نُكرُ

وَيُحمَدُ في العَضبِ البِلى وَهوَ قاطِعٌ

وَيَحسُنُ في الخَيلِ المُسَوَّمَةِ الضُمرُ

وَقائِلَةٍ ماذا دَهاكَ تَعَجُّباً

فَقُلتُ لَها ياهَذِهِ أَنتِ وَالدَهرِ

أَبِالبَينِ أَم بِالهَجرِ أَم بِكِلَيهِما

تَشارَكَ فيما ساءَني البَينُ وَالهَجرُ

يُذَكِّرُني نَجداً حَبيبٌ بِأَرضِها

أَيا صاحِبي نَجوايَ هَل يَنفَعُ الذِكرُ

تَطاوَلَتِ الكُثبانُ بَيني وَبَينَهُ

وَباعَدَ فيما بَينَنا البَلَدُ القَفرُ

مَفاوِزُ لا يُعجِزنَ صاحِبَ هِمَّةٍ

وَإِن عَجَزَت عَنها الغُرَيرِيَّةُ الصُبرُ

كَأَنَّ سَفيناً بَينَ فَيدٍ وَحاجِزٍ

يَحُفُّ بِهِ مِن آلِ قيعانِهِ بَحرُ

عَدانِيَ عَنهُ ذَودُ أَعداءِ مَنهَلٍ

كَثيرٌ إِلى وُرّادِهِ النَظَرُ الشَزرُ

وَسُمرُ أَعادٍ تَلمَعُ البيضُ بَينَهُم

وَبيضُ أَعادٍ في أَكُفِّهِمُ السُمرُ

وَقَومٌ مَتى ما أَلقَهُم رَوِيَ القَنا

وَأَرضٌ مَتى ما أَغزُها شَبِعَ النَسرُ

وَخَيلٌ يَلوحُ الخَيرُ بَينَ عُيونِها

وَنَصلٌ مَتى ماشِمتُهُ نَزَلَ النَصرُ

إِذا ما الفَتى أَذكى مُغاوَرَةَ العِدى

فَكُلُّ بِلادٍ حَلَّ ساحَتَها ثَغرُ

وَيَومٍ كَأَنَّ الأَرضَ شابَت لِهَولِهِ

قَطَعتُ بِخَيلٍ حَشوُ فُرسانِها صَبرُ

تَسيرُ عَلى مِثلِ المُلاءِ مُنَشَّراً

وَآثارُها طَرزٌ لِأَطرافِها حُمرُ

أُشَيِّعُهُ وَالدَمعُ مِن شِدَّةِ الأَسى

عَلى خَدِّهِ نَظمٌ وَفي نَحرِهِ نَثرُ

وَعُدتُ وَقَلبي في سِجافِ غَبيطَهُ

وَلي لَفَتاتٌ نَحوَ هَودَجِهِ كُثرُ

وَفيمَن حَوى ذاكَ الحَجيجُ خَريدَةٌ

لَها دونَ عَطفِ السَترِ مِن صَونِها سِترُ

وَفي الكُمِّ كَفٌّ لا يَراها عَديلُها

وَفي الخِدرِ وَجهٌ لَيسَ يَعرِفُهُ الخِدرُ

فَهَل عَرَفاتٌ عارِفاتٌ بِزَورِها

وَهَل شَعَرَت تِلكَ المَشاعِرُ وَالحِجرُ

أَما اِخضَرَّ مِن بُطنانِ مَكَّةَ ماذَوى

أَما أَعشَبَ الوادي أَما أَنبَتَ الصَخرُ

سَقى اللَهُ قَوماً حَلَّ رَحلُكَ فيهِمُ

سَحائِبَ لاقُلٌّ جَداها وَلا نَزرُ