إن ذا العيد فيه غابت نضار

إِنَّ ذا العيدَ فيهِ غابَت نُضارُ

وَأَخوها فَما لِقَلبي قَرارُ

أَدمُعي تَرتَمي عَلى الخَدِّ سَكباً

وَفُؤادي مُضطَرِمٌ فيهِ نارُ

صَحِبا مِن ودادِها وَسطَ قَلبي

كُلَّ وَقتٍ لَهُ إِلَيها اِدِّكارُ

وَأَخاً خَيِّراً عَفيفاً حَييّاً

قَد زَكا فَرعُهُ وَطابَ النِجارُ

أَوحَشَت مِنهُمُ الدِيارُ وَسارُوا

بِهِمُ تَأَنَسُ الرُبا وَالقِفارُ

حمِلَت مِنهُم الجمالُ جمالاً

ساطِعاً مِنهُ لِلوَرى أَنوارُ

أَشرَقَت بِالنَهارِ مِنهُم شُموسٌ

وَتَجَلَّت في لَيلِهم أَقمارُ

عَبِقَت مِن شَذاهُمُ الأَرض لَمّا

وَطِئُوها فَتُربُها مِعطارُ

قاصِدينَ الحِجازَ لِلحَجِ راحُوا

لَهُمُ الذِكرُ وَالقُرآنُ شِعارُ

بَلَغُوا كَعبةَ الإِلَهِ وَحَجُّوا

فَبِها حُطَّت عَنهُم الأَوزارُ

ثُمَ زارُوا لِلمُصطَفى خَيرَ قَبرٍ

فيهِ خَيرُ الخَلائِقِ المُختارُ

حَنَّ قَلبي لِصالِحٍ وَلَعَمري

إِنَّ تَرحالهُ لَفِيهِ اِعتِبارُ

حَجَّ طِفلاً مَع أُمِّهِ وَأَبيهِ

نالَ ما لَم تَنَلهُ قَطُّ الصغارُ

هُم أُناسٌ حَجُّوا وَزارُوا وفازُوا

ساعدتهُم في ذَلِكَ الأَقدارُ

وَأَنا الشَيخ أَخَّرتني ذُنوبي

فَعَسى أَن يُسامِحَ الغَفّارُ

خَلَّفوني وَحدي غَريباً فَريداً

كُلَّ حينٍ يَشُوقُني التَّذكارُ

أَتُراني أَحيا أُشاهِدُ حَيّانَ

وَتَبدُو لِناظِرَيَّ نُضارُ

زَهرتا مُهجَتي وَنُورا فُؤادِي

وَأَنيساي إِن عَراني اِفتِكارُ

فارَقاني شَهراً وَشَهراً وَشَهراً

ما لِقَلبي عِلى الفِراقِ اِصطِبارُ

يا نَسيمَ الصَبا أَلا احمِل سَلامي

للأَحبّاءِ حَيثُ شَطَّ المزارُ

قُلتُ لِلنَفسِ وَهيَ ذاتُ اِضطّراب

اِستَكِني فَقَد تَقَضّى السِفارُ

قَد أَتانا مُبَشِر بِالتَداني

وَغَداً تَجمَعُ الحَبيبَ الدِيارُ