أأحور عن قصدي وقد برح الخفا

أَأَحورُ عَن قَصدي وَقَد بَرَحَ الخَفا

وَوَقَفتُ مِن عُمري القَصيرِ عَلى شَفا

وَأَرى شُؤونَ العَينِ تُمسِكُ ماءَها

وَلَقَبلَ ما حَكَتِ السَحابَ الوُكَّفا

وَأَخالُ ذاكَ لِعِبرَةٍ عَرَضَت لَها

مِن قَسوَةٍ في القَلبِ أَشبَهتِ الصَفا

وَلَقَلَّ لي طولُ البُكاءِ لِهَفوَتي

فَلَرُبَّما شَفَعَ البُكاءُ لِمَن هَفا

إِنَّ المَعاصِيَ لا تُقيمُ بِمَنزِلٍ

إِلّا لِتَجعَلَ مِنهُ قاعاً صَفصَفا

وَلَو أَنَّني داوَيتُ مَعطَبَ دائِها

بِمَراهِمِ التَقوى لَوافَقتِ الشِفا

وَلَعِفتُ مَورِدَها المَشوبَ بِرَنقِها

وَغَسَلتُ رَينَ القَلبِ في عَينِ الصَفا

وَهَزَمتُ جَحفَلَ غَيِّها بِإِنابَةٍ

وَسَلَلتُ مِن نَدَمٍ عَلَيها مُرهَفا

وَهَجَرتُ دُنيا لَم تَزَل غَدّارَةً

بِمُؤَمِّليها المُمحِضينَ لَها الوَفا

سَحَقَتهُمُ وَدِيارَهُم سَحقَ الرَحا

فَعَلَيهُمُ وَعَلى دِيارِهُم العَفا

وَلَقَد يُخافُ عَلَيهِمُ مِن رَبِّهِم

يَومَ الجَزاءِ النارَ إِلّا إِن عَفا

إِنَّ الجَوادَ إِذا تَطَلَّبَ غايَةً

بَلَغَ المَدى مِنها وَبَذَّ المُقرِفا

شَتّانَ بَينَ مُشَمِّرٍ لِمَعادِهِ

أَبَداً وَآخَرَ لا يَزالُ مُسَوِّفا

إِنّي دَعَوتُكَ مُلحِفاً لِتُجيرَني

مِمّا أَخافُ فَلا تَرُدَّ المُلحِفا