ما أميل النفس إلى الباطل

ما أَميَلَ النَفسَ إِلى الباطِلِ

وَأَهوَنَ الدُنيا عَلى العاقِلِ

تُرضي الفَتى في عاجِلٍ شَهوَةٌ

لَو خَسِرَ الجَنَّةَ في الآجِلِ

يَبيعُ ما يَبقى بِما يَنقَضي

فِعلُ السَفيهِ الأَحمَقِ الجاهِلِ

يا مَن رَأى لي واصِلاً مُرشِداً

وَإِنَّني أَكلَفُ بِالواصِلِ

يا مَن رَأى لي عالِماً عامِلاً

فَأَلزَمُ الخِدمَةَ لِلعامِلِ

أَم مَن رَأى عالِماً ساكِتاً

وَعَقلُهُ في عالَمٍ جائِلِ

يَسرَحُ في زَهرِ رِياضِ النُهى

لَيسَت كَرَوضِ ماحِلٍ ذابِلِ

يا رُبَّ قَلبٍ كَجَناحٍ هَفَت

قَد غابَ في بَحرٍ بِلا ساحِلِ

يُصَرِّفُ الخَطرَةَ مَذعورَةً

مِمّا يَرى مِن مَنظَرٍ هائِلِ

آهٍ لِسِرٍّ صُنتُهُ لَم أَجِد

خَلفاً لَهُ قَطُّ بِمُستاهِلِ

هَل يَقُظٌ يَسأَلُني عَلَّني

أَكشِفُهُ لِليَقُظِ السائِلِ

قَد يَرحَلُ المَرءُ لِمَطلوبِهِ

وَالسَبَبُ المَطلوبُ في الراحِلِ

لَو شُغِلَ المَرءُ بِتَركيبِهِ

كانَ بِهِ في شُغُلٍ شاغِلِ

وَعايَنَ الحِكمَةَ مَجموعَةً

ماثِلَةً في هَيكَلٍ ماثِلِ

يا أَيُّها الغافِلُ عَن نَفسِهِ

وَيكَ أُفُق مِن سِنَةِ الغافِلِ

وَانظُر إِلى الطاعَةِ مَشهورَةً

في الفَلَكِ الصاعِدِ وَالنازِلِ

وَالحَظ بِعَينَيكَ أَديمَ السَما

مِن طالِعٍ فيها وَمِن آفِلِ

كُلٌّ عَلى مَسلَكِهِ لا يُرى

عَن ذَلِكَ المَسلَكِ بِالمائِلِ

لَو دَبَّرَت أَنفُسَها لَم تَغِب

وَاِطَّلَعَ الناقِصُ كَالكامِلِ

وَاِنظُر إِلى المُزنَةِ مَشحونَةً

مُثقَلَةَ الكاهِلِ كَالبازِلِ

تَحِنُّ مِن شَوقٍ إِلى وَقفَةٍ

أَو خَطرَةٍ بِالبَلَدِ الماحِلِ

يا لَكَ بُستانَ عُقولٍ بَدا

لِعَينِ قَلبِ المُؤمِنِ العاقِلِ

فَسِرُّ هَذا الشَأنِ لا يَنجَلي

إِلّا لِعَبدٍ مُخلِصٍ فاضِلِ