الهجر أروح من وصل على حذر

الهجر أروحُ من وصلٍ على حذرٍ

والموتُ أطيبُ من عَيشٍ على غرَرِ

كيف السُّلُوُّ ومالي مشتكا حَزَن

إلا الدموعُ ووسواسٌ من الفكرِ

إذا رأيت محباً نال بُغيَتَه

وأمَّنَته لياليه من الغِيَرِ

تَوَقَّدَت جمراتُ الشوقِ في كِبَدي

وَكِدتُ أُتلفُ من همي ومن حَسَري

يا ويح رُوحي لقد طالت شِقاوتُها

لو أنها في يدي قَصَّرتُ من عُمُري

بالله يا مقلتي جودي فإن قصرت

بك الدموعُ فذوبي أنت وانحدري

إني بلوتُ أخلائي فما زُكِنُوا

عند الحِفاظ ولا طابوا على الخَبَرِ

مُثَبِّطين عن العلياءِ طَالبها

رَاضِين من دوَل الأيامِ بالنظَرِ

إن أَذنَبوا فعتابي غيرُ مُستمع

وإن هَفَوتُ فَذَنبي غيرُ مُغتَفر

وجدتُ أَخوَنَهم من كان أوثقهم

وخيرَهم شَرَّهم في الحادثِ الخَطَرِ

إذا هَشَتُ إليه قال مُختَدِعٌ

ضاقت يداه فوافي يرتجى مَطَري

وإن تَقَبَّضتُ عنه قال ذو صَلَفٍ

أثرى فقد لَحِقَته زَهوةُ البطرِ

وإن تَرِأسَ اولاني مباعدةً

وضنَّ عني بالتسليم والنَّظرِ

وصرتُ في ثِقل أُحدٍ عندهَ ورأى

في طلعتي رأيَ أهلِ الرَّفضِ في عُمَرِ

فلا تَثِق بأخٍ تُرضيك صحبتُه

وَكُن من الصَّاحِبِ الأدنى على حَذَرِ

ليس الصديقُ الذي ترضى بصحبته

إلا المشاركُ في الإعسارِ واليُسُرِ

ومَن يقيك إذا نَابَتكَ نائبةٌ

وقايةَ المرءِ عينَه من العَوَرِ

إذا رضيتَ فعبدٌ في خلائقه

وإن غَضِبتَ فكالصَّمصامة الذكرِ