أنت بما قد سقيت شارب

أنت بما قد سقَيتَ شارب

من رحيق كان أو كدر

سهمُكَ في الغير فيك صائب

مالك عن نصلهِ مفر

ثمار ما قد غرست تجني

وهذهِ عادةُ الزمان

خذا الحديث الصحيحَ عني

كما يدينُ الفتى يدان

من بات منه الورى في أمنٍ

بات من الدهر في أمان

الدهر بحرٌ له عجائب

وهو خطيبٌ لمن نظر

فاطرح الغير عنك وجانب

وخُذ على نفسك الحذَر

ياذا الذي ظنّ أن يُصيبَ

بسهمهِ وهو لا يُصاب

أبعدتَ عن نفسكَ القريب

واخطأت في موضعِ الصواب

إن قلتَ قولاً فكن لبيبَ

وكلُّ قولٍ له جواب

ما ضاعَ حقٌّ ولهُ طالب

لو حاوزَ الشمسَ والقمر

من ذكرَ الناسَ بالمعائب

يذكرُ فيه بما ذكَر

يا بالياً وهو لا يُبالي

وهوَ في ميدانهِ يجول

يا ساكناً وهو في ارتحال

وكلَّ ما قد حوى يزول

تسرِقُ من عمرِكَ الليالي

كسرقةِ الراح للعقول

بالقومِ قد سارَتِ الركائب

ولا تجهَّزتَ يوماً للسفر

ولستَ تخشى ولا تُراقِب

من يومٍ تُبلى فيهِ العبَر