تعاتبني على شرب اصطباح

تُعاتِبُني عَلى شُربِ اِصطِباحِ

وَوَصلِ اللَيلِ مِن فَلَقِ الصَباحِ

وَما عَلِمَت بِأَنّي أَريَحِيٌّ

أُحِبُّ مِنَ النَدامى ذا اِرتِياحِ

فَرُبَّ صَحابَةٍ بيضٍ كِرامٍ

بَهاليلٍ غَطارِفَةٍ صِباحِ

صَرَفتُ مَطِيَّهُم حَيرى طِلاحاً

وَقَد سُدَّت أَساليبُ الرِياحِ

وَقامَ الظِلُّ فَوقَ شِراكِ نَعلٍ

مَقامَ الريشِ في ثِنيِ الجَناحِ

إِلى حاناتِ خَمرٍ في كُرومٍ

مُعَرَّشَةٍ مُعَرَّجَةِ النَواحي

فَأَقبَلَ رَبُّها يَسعى إِلَينا

يُهَنِّئُ بِالفَلاحِ وَبِالنَجاحِ

فَقُلتُ الخَمرَ قالَ نَعَم وَإِنّي

بِها لِبَني الكِرامِ لَذو سَماحِ

فَجاءَ بِها تَخُبُّ كَماءِ مُزنٍ

وَأَنشَأَ مُنشِداً شِعرَ اِقتِراحِ

أَتَصحو أَم فُؤادُكَ غَيرُ صاحٍ

عَشِيَّةَ هَمَّ صَحبُكَ بِالرَواحِ

فَبِتُّ لَدى دَساكِرِهِ عَروساً

بِعَذراوَينِ مِن ماءٍ وَراحِ

وَدارَ بِكَأسِنا رَشَأٌ رَخيمٌ

لَطيفُ الكَشحِ مَهضومِ الوِشاحِ

وَقالَ أَتَبرَحونَ غَداً فَقُلنا

وَكَيفَ نُطيقُ بَعدَكَ مِن رَواحِ

فَخاتَلَنا فَأَسكَرَنا فَنِمنا

إِلى أَن هَمَّ ديكٌ بِالصِياحِ

فَقُمتُ إِلَيهِ أَرفُلُ مُستَقيماً

وَقَد هَيَّأتُ كَبشي لِلنِطاحِ

فَلَمّا أَن رَكَزتُ الرُمحَ فيهِ

تَنَبَّهَ كَالرَقيدِ مِنَ الجِراحِ

فَقُلتُ لَهُ بِحَقِّ أَبيكَ سَهلٌ

فَلا تُحوِج إِلى سَفحِ التَلاحي

فَقالَ لَقَد ظَفِرتَ فَنَل هَنيئاً

بِإِسعافٍ وَبَذلٍ مُستَباحِ

فَلَمّا أَن وَضَعتُ عَلَيهِ رَحلي

تَبَدّى مُنشِداً شِعرَ اِمتِداحِ

أَلَستُم خَيرَ مَن رَكِبَ المَطايا

وَأَندى العالِمينَ بُطونَ راحِ