حي الديار إذ الزمان زمان

حَيِّ الدِيارَ إِذِ الزَمانُ زَمانُ

وَإِذِ الشِباكُ لَنا خَوىً وَمَعانُ

يا حَبَّذا سَفوانُ مِن مُتَرَبَّعٍ

وَلَرُبَّما جَمَعَ الهَوى سَفوانُ

وَإِذا مَرَرتَ عَلى الدِيارِ مُسَلِّماً

فَلِغَيرِ دارِ أُمَيمَةَ الهِجرانُ

إِنّا نَسَبنا وَالمَناسِبُ ظِنَّةٌ

حَتّى رُميتَ بِنا وَأَنتَ حَصانُ

لَمّا نَزَعتُ عَنِ الغِوايَةِ وَالصَبا

وَخَدَت بِيَ الشَدَنِيَّةُ المِذعانُ

سَبطٌ مَشافِرُها دَقيقٌ خَطمُها

وَكَأَنَّ سائِرَ خَلقِها بُنيانُ

وَاِحتازَها لَونٌ جَرى في جِلدِها

يَقَقٌ كَقِرطاسِ الوَليدِ هِجانُ

وَإِلى أَبي الأُمَناءِ هارونَ الَّذي

يَحيا بِصَوبِ سَمائِهِ الحَيوانُ

مَلِكٌ تَصَوَّرَ في القُلوبِ مِثالُهُ

فَكَأَنَّهُ لَم يَخلُ مِنهُ مَكانُ

ما تَنطَوي عَنهُ القُلوبُ بِفَجرَةٍ

إِلّا يُكَلِّمُهُ بِها اللَحَظانُ

فَيَظَلُّ لِاِستِنبائِهِ وَكَأَنَّهُ

عَينٌ عَلى ما غَيَّبَ الكِتمانُ

هارونُ أُلِّفَنا اِئتِلافَ مَوَدَّةٍ

ماتَت لَها الأَحقادُ وَالأَضغانُ

في كُلِّ عامٍ غَزوَةٌ وَوِفادَةٌ

تَنبَتُّ بَينَ نَواهُما الأَقرانُ

حَجٌّ وَغَزوٌ ماتَ بَينَهُما الكَرى

بِاليَعمُلاتِ شِعارُها الوَخَدانُ

يَرمي بِهِنَّ نِياطَ كُلِّ تَنوفَةٍ

في اللَهِ رَحّالٌ بِها ظَعّانُ

حَتّى إِذا واجَهنَ إِقبالَ الصَفا

حَنَّ الحَطيمُ وَأَطَّتِ الأَركانُ

لِأَغَرَّ يَنفَرِجُ الدُجى عَن وَجهِهِ

عَدلُ السِياسَةِ حُبُّهُ إيمانُ

يَصلى الهَجيرَ بِغُرَّةٍ مَهدِيَّةٍ

لَو شاءَ صانَ أَديمَها الأَكنانُ

لَكِنَّهُ في اللَهِ مُبتَذِلٌ لَها

إِنَّ التَقِيَّ مُسَدَّدٌ وَمُعانُ

أَلِفَت مُنادَمَةَ الدِماءِ سُيوفُهُ

فَلَقَلَّما تَحتازُها الأَجفانُ

حَتّى الَّذي في الرَحمِ لَم يَكُ صورَةً

لِفُؤادِهِ مِن خَوفِهِ خَفَقانُ

حَذَرَ اِمرِئٍ نُصِرَت يَداهُ عَلى العِدى

كَالدَهرِ فيهِ شَراسَةٌ وَلَيانُ

مُتَبَرِّجُ المَعروفِ عِرّيضُ النَدى

حَصِرٌ بِلا مِنهُ فَمٌ وَلِسانُ

لِلجودِ مِن كِلتا يَدَيهِ مُحَرِّكٌ

لا يَستَطيعُ بُلوغَهُ الإِسكانُ