وأحور ذمي طرقت فنائه

وَأَحوَرَ ذِمِّيٍّ طَرَقتُ فِنائَهُ

بِفِتيانِ صِدقٍ ما تَرى مِنهُمُ نُكرا

فَلَمّا قَرَعنا بابَهُ هَبَّ خائِفاً

وَبادَرَ نَحوَ البابِ مُمتَلِئً ذُعرا

وَقالَ مَنِ الطُرّاقِ لَيلاً فِناءَنا

فَقُلتُ لَهُ افتَح فِتيَةٌ طَلَبوا خَمرا

فَأَطلَقَ عَن أَبوابِهِ غَيرَ هائِبٍ

وَأَطلَعَ مِن أَزرارِهِ قَمَراً بَدرا

وَمَرَّ أَمامَ القَومِ يَسحَبُ ذَيلَهُ

يُجاذِبُ مِنهُ الرِدفَ في مَشيِهِ الخَصرا

فَقُلتُ لَهُ ما الإِسمُ حُيِّيتَ قالَ لي

دَعاني أَبي سابا وَلَقَّبَني شَمرا

فَكِدنا جَميعاً مِن حَلاوَةِ لَفظِهِ

نُجَنُّ وَلَم نَسطِع لِمَنطِقِهِ صَبرا

فَقُلتُ لَهُ جِئناكَ نَبتاعُ قَهوَةً

مُعَتَّقَةً قَد أَنفَدَت قِدَماً دَهرا

فَقالَ اربِعوا عِندي الَّتي تَطلِبونَها

قَدِ احتَجَبَت في خِدرِها حِقَباً عَشرا

فَقُلتُ فَماذا مَهرُها قالَ مَهرُها

إِلَيكَ فَسُقنا نَحوَهُ خَمسَةً صُفرا

فَقُلتُ لَهُ خُذها وَهاتِ نُعاطِها

فَقامَ إِلَيها قَد تَمَلّى بِنا بِشرا

فَشَكَّ بِإِشفاءٍ لَهُ بَطنَ مُسنَدٍ

فَسالَت تُحاكي في تَلَألُؤِها البَدرا

وَجاءَ بِها وَاللَيلُ مُلقٍ سُدولَهُ

مُدِلّاً بِأَن وافى مُحيطاً بِها خُبرا

رَبيبَةُ خِدرٍ راضَها الخِدرُ أَعصُراً

فَكانَت لَهُ قَلباً وَكانَ لَها صَدرا

إِذا أَخَذَتها الكَأسُ كادَت بِريحِها

تَخالُ بِها عِطراً وَما إِن تَرى عِطرا

وَمازالَ يَسقينا وَيَشرَبُ دائِباً

إِلى أَن تَغَنّى حينَ مالَت بِهِ سُكرا

فَما ظَبيَةٌ تَرعى مَساقِطَ رَوضَةٍ

كَسا الواكِفُ الغادي لَها وَرَقاً خُضرا

بِأَحسَنَ مِنهُ مَنظَراً زانَ مُخبِراً

بَلِ الظَبيُ مِنهُ شابَهَ الجيدَ وَالنَحرا

فَيا حُسنَهُ لَحناً بَدا مِن لِسانِهِ

وَيا حُسنَهُ لَحظاً وَيا حُسنَهُ ثَغرا

وَنامَ وَمايَدري أَأَرضٌ وِسادُهُ

تَوَسَّدَ سُكراً أَم وِساداً رَأى جَهرا

فَقُمنا إِلَيهِ حينَ نامَ وَأُرعِدَت

فَرائِصُهُ تَجري بِميدانِهِ ضَمرا

فَلَمّا رَأى أَن لَيسَ عَن ذاكَ مَخلَصٌ

وَوافَقَهُ لينٌ أَجادَ لَنا العَصرا