يا منة إمتنها السكر

يا مِنَّةَ إِمتَنَّها السُكرُ

ما يَنقَضي مِنّي لَكَ الشُكرُ

أَعطَتكَ فَوقَ مُناكَ مِن قُبَلٍ

مَن قيلَ إِنَّ مُرامَها وَعرُ

يَثني إِلَيكَ بِها سَوالِفَهُ

رَشأَ صِناعَةُ عَينِهِ السِحرُ

ظَلَّت حُمَيّا الكَأسِ تَبسُطُنا

حَتّى تَهَتَّكَ بَينَنا السَترُ

في مَجلِسٍ ضَحِكَ السُرورُ بِهِ

عَن ناجِذَيهِ وَحَلَّتِ الخَمرُ

وَلَقَد تَجوبُ بِنا الفَلاةُ إِذا

صامَ النَهارُ وَقالَتِ العُفرُ

شَدَنِيَّةٌ رَعَتِ الحِمى فَأَتَت

مِلءَ الجِبالِ كَأَنَّها قَصرُ

تَثني عَلى الحاذَينِ ذاخُصَلٍ

تَعمالُهُ الشَذَرانِ وَالخَطَرُ

أَمّا إِذا رَفَعَتهُ شامِذَةٌ

فَتَقولُ رَنَّقَ فَوقَها نِسرُ

أَمّا إِذا وَضَعَتهُ عارِضَةٌ

فَتَقولُ أُرخِيَ فَوقَها سَترُ

وَتُسِفُّ أَحياناً فَتَحسَبُها

مُتَرَسِّماً يَقتادُهُ أَثَرُ

فَإِذا قَصَرتُ لَها الزِمامَ سَما

فَوقَ المَقادِمِ مِلطَمٌ حُرُّ

فَكَأَنَّها مُصغٍ لِتُسمِعَهُ

بَعضَ الحَديثِ بِأُذنِهِ وَقرُ

تَنفي الشَذا عَنها بِذي خُصَلٍ

وَحفِ السَبيبِ يَزينُهُ الضَفرُ

تَترى لِأَنفاضٍ أَضَرَّ بِها

جَذبُ البُرى فَخُدودُها صِفرُ

يَرمي إِلَيكَ بِها بَنو أَمَلٍ

عَتَبوا فَأَعتَبَهُم بِكَ الدَهرُ

أَنتَ الخَصيبُ وَهَذِهِ مِصرُ

فَتَدَفَّقا فَكِلاكُما بَحرُ

لا تَقعُدا بِيَ عَن مَدى أَمَلي

شَيئاً فَما لَكُما بِهِ عُذرُ

وَيَحِقُّ لي إِذ صِرتُ بَينَكُما

لا يَحِلَّ بِساحَتي فَقرُ

النيلُ يُنعِشُ مائُهُ مِصراً

وَنَداكَ يُنعِشُ أَهلَهُ الغَمرُ