ألم ترني من بعد هم هممته

أَلَم تَرَني مِن بَعدِ هَمٍّ هَمَمتُهُ

بِفُرقَةِ حُرٍّ مِن أَبينَ كِرامِ

بِأَحمَدَ لَمّا أَن شَدَدتُ مَطِيَّتي

بِرَحلي وَقَد وَدَّعتُهُ بِسَلامِ

فَلَمّا بَكى وَالعيسُ قَد قَلُصَت بِنا

وَقَد ناشَ بِالكَفّينِ ثِنيَ زِمامِ

ذَكَرتُ أَباهُ ثُمَّ رَقرقت عَبرَةً

تَجودُ مِنَ العَينَينِ ذاتَ سِجامِ

فَقُلتُ تَرَحَّل راشِداً في عُمومَةٍ

مُواسينَ في البَأساءِ غَيرِ لِئامِ

وَجاءَ مَعَ العيرِ الَّتي راحَ رَكبُها

شَآمي الهَوى وَالأَصلُ غَيرُ شَآمِ

فَلَمّا هَبَطنا أَرضَ بُصرى تَشَوَّفوا

لَنا فَوقَ دورٍ يَنظُرونَ عِظامِ

فَجاءَ بَحيرا عِندَ ذلِكَ حاشِداً

لَنا بِشرابٍ طَيِّبٍ وَطَعامِ

فَقالَ اِجمَعوا أَصحابَكُم عِندَما رَأى

فَقُلنا جَمَعنا القَومَ غَيرَ غُلامِ

يَتيمٍ فَقالَ اِدعوهُ إِنَّ طَعامَنا

لَهُ دونَكُم مِن سوقَةٍ وَإِمامِ

وَآلى يَميناً بَرَّةً إِنَّ زادَنا

كَثيرٌ عَلَيهِ اليَومَ غَيرُ حَرامِ

فَلَولا الَّذي خَبَّرتُمُ عَن مُحَمَّدٍ

لَكُنتُم لَدَينا اليَومَ غَيرَ كِرامِ

وَأَقبَلَ رَكبٌ يَطلُبونَ الَّذي رَأى

بَحيراءُ رأيَ العَينِ وَسطَ خِيامِ

فَثارَ إِلَيهِم خَشيَةً لِعُرامِهِم

وَكانوا ذَوي بَغيٍ مَعاً وَعُرامِ

دَريسٌ وَهَمّامٌ وَقَد كانَ فيهُمُ

زَريرٌ وَكُلُّ القَومِ غَيرُ نِيامِ

فَجاؤوا وَقَد هَمّوا بِقَتلِ مُحَمَّدٍ

فَرَدَّهُمُ عَنهُ بِحُسنِ خِصامِ

بِتَأويلِهِ التَوراةَ حَتّى تَيَقَّنوا

وَقالَ لَهُم رُمتُم أَشَدَّ مَرامِ

أَتَبغونَ قَتلاً لِلنَبِيَّ مُحَمَّدٍ

خُصِصتُم عَلى شُؤمٍ بِطولِ أثامِ

وَإِنَّ الَّذي يِختارُهُ مِنهُ مانِعٌ

سَيَكفيهِ مِنكُم كَيدَ كُلِّ طَغامِ

فَذَلِكَ مِن أَعلامِهِ وَبَيانِهِ

وَلَيسَ نَهارٌ واضِحٌ كَظَلامِ