لا تعذلي جارتي أنى لك العذل

لا تَعذِلي جارَتي أَنّى لَكِ العَذَلُ

فَلا شَوىً ما رُزِئناهُ وَلا جَلَلُ

إِحدى المَصائِبِ حَلَّت في دِيارِ بَني

عِمرانَ لَيسَت لَها أُختٌ وَلا مَثَلُ

أَلوى بِتيجانِهِم يَومٌ أُتيحَ لَهُ

نَحسٌ وَأَثقَبَ فيهِ نارَهُ زُحَلُ

أَلوى بِهِ وَهوَ مُلوٍ بِالقَنا لِتَوا

ليها اِستِواءٌ وَفي أَعناقِها مَيَلُ

كانَ الَّذي لَيسَ في مَعجومِهِ خَوَرٌ

لِلعاجِمينَ وَلا في هَديِهِ خَلَلُ

كانَ الَّذي يُتَّقى رَيبُ الزَمانِ بِهِ

إِذا الزَمانُ بَدَت أَنيابُهُ العُصُلُ

أَحَلَّنا الدَهرُ في بَطحاءَ مُسهِلَةٍ

لَمّا تَقَوَّضتَ عَنها أَيُّها الجَبَلُ

ما كانَ أَحسَنَ حالاتِ الأَشاعِرِ يا

يَحيى بنَ عِمرانَ لَو أُنسي لَكَ الأَجَلُ

أَيُّ اِمرِىءٍ مِنكَ أَثرى بَينَ أَعظُمِهِ

ثَرى المُقَطَّمِ أَو مَلحودُهُ الرَمِلُ

لا يُتبِعُ المَنَّ ما جادَت يَداهُ بِهِ

وَلا تُحَكَّمُ في مَعروفِهِ العِلَلُ

ما قالَ كانَ إِذا ما القَومُ أَكذَبَ ما

أَطالَ مِن قَولِهِم تَقصيرُ ما فَعَلوا

يا مَوتُ حَسبُكَ إِذ أَقصَدتَ مُهجَتَهُ

أَولا فَدونَكَ لا حَسَبٌ وَلابَجَلُ

ما حالُنا يا أَبا العَبّاسِ بَعدَكَ هَل

تَنمى الفُروعُ وَيودي أَصلُها الأَصِلُ

يا مَوتُ لَو في وَغىً عايَنتَهُ خَلَدَت

عَلَيهِ عَوضُ دُموعٌ مِنكَ تَنهَمِلُ

المُشعِلُ الحَربَ ناراً وَهيَ خامِدَةٌ

وَالمُستَبيحُ حِماها وَهيَ تَشتَعِلُ

بِكُلِّ يَومِ وَغىً تَصدى الكُماةُ بِهِ

عَلى يَدَيهِ وَتَروى البيضُ وَالأَسَلُ

يَغشى الوَغى بِالقَنا وَالخَيلُ عابِسَةٌ

وَالخَيلُ لا عاجِزٌ فيها وَلا وَكِلُ

وَالكاشِفُ الكُرَبَ اللاتي يَحُفُّ بِها

إِظلامُ أَمرٍ عَلى البُلدانِ يَنسَدِلُ

بِمَشهَدٍ لَيسَ يَثنيهِ بِهِ زَلَلٌ

وَمَنطِقٍ لَيسَ يَعروهُ بِهِ خَطَلُ

مُستَجمِعٌ لا يَحِلُّ الرَيثُ عُقدَتَهُ

فيهِ وَلا يَمتَطي إِبلاغَهُ العَجَلُ

بِحَيثُ لا يَضَعُ الآراءَ مَوضِعَها

إِلّا فُلانٌ إِذا يُدعى لَها وَفَلُ

إِذا الرِجالُ رَأَوهُ وَهوَ يَفعَلُ ما

أَعياهُمُ فِعلُهُ قالوا كَذا الرَجُلُ

إِمّا يُدَل مِنكَ بِالمَوتِ العِدى فَبِما

دارَت عَلَيهِم بِلا مَوتٍ لَكَ الدُوَلُ

أَيَّامَ سَيفُكَ مَشهورٌ وَبَحرُكَ مَس

جورٌ وَقَرنُكَ مَقصورٌ لَهُ الطِوَلُ

إِذ لابِسُ الذِلَّةِ المَقطوعُ ذو رَحِمٍ

قَطَعتَهُ وَإِذا المَوصولُ مَن تَصِلُ

جَرَّعَكَ الدَهرُ كاسَ الصَبرِ في لُجَجٍ

لِلمَوتِ يَغرِقُ في آذِيِّها الجَبَلُ

مَوتاً وَقَتلاً كَأَنَّ الدَهرَ يَظمَأُ ما

عاشوا وَيَنقَعُ ما ماتوا وَما قُتِلوا

يا شاغِلَ الدَهرِ عَنّا ما لِصَولَتِهِ

مُذ صالَ فيكَ الرَدى إِلّا بِنا شُغُلُ

يا حِليَةَ المَجدِ إِنَّ المَجدَ عَن عُفُرٍ

بَدا وَحِليَتُهُ مِن بَعدِكَ العَطَلُ

يا مَوئِلاٌ كانَ مَأوى الآزِماتِ بِهِ

إِذا اِدلَهَمَّت بِمَكروهاتِها العُضُلُ

فَأَيُّ مُعتَمَدٍ يَزكو بِهِ عَمَلٌ

وَأَيُ مُنتَظَرٍ يَحيا بِهِ أَمَلُ

لَكِن حُسَينٌ وَأَمثالُ الحُسَينِ إِذا

ما الناسُ يَومَ حِفاظٍ حُصِّلوا قُلُلُ

تُنبي المَواقِفُ عَنهُ أَنَّهُ سَنَدٌ

وَيُخبِرُ الرَوعُ عَنهُ أَنَّهُ بَطَلُ

يُعطي فَيُجزِلُ أَو يُدعى فَيَنزِلُ أَو

يُؤتى لِمَحمَلِ أَعباءٍ فَيَحتَمِلُ

تَظُنُّهُ شَيخَهُ لَولا شَبيبَتُهُ

وَالزَرعُ يَنبُتُ فَذّاً ثُمَّ يَكتَهِلُ

أَضحى لَنا بَدَلاً مِنهُ تَنوءُ بِهِ

وَالشِبلُ مِن لَيثِهِ إِمّا مَضى بَدَلُ