وأبي المنازل إنها لشجون

وَأَبي المَنازِلِ إِنَّها لَشُجونُ

وَعَلى العُجومَةِ إِنَّها لَتُبينُ

فَاِعقِل بِنِضوِ الدارِ نِضوَكَ يَقتَسِم

فَرطَ الصَبابَةِ مُسعِدٌ وَحَزينُ

لا تَمنَعَنّي وَقفَةً أَشفي بِها

داءَ الفِراقِ فَإِنَّها ماعونُ

وَاِسقِ الأَثافِيَّ مِن شُؤوني رِيَّها

إِنَّ الضَنينَ بِدَمعِهِ لَضَنينُ

وَالنُؤيُ أُهمِدَ شَطرُهُ فَكَأَنَّهُ

تَحتَ الحَوادِثِ حاجِبٌ مَقرونُ

حُزنٌ غَداةَ الحَزنِ هاجَ غَليلَهُ

في أَبرَقِ الحَنّانِ مِنكَ حَنينُ

سِمَةُ الصَبابَةِ زَفرَةٌ أَو عَبرَةٌ

مُتَكَفِّلٌ بِهِما حَشاً وَشُئونُ

لَولا التَفَجُّعُ لَاِدَّعى هَضبُ الحِمى

وَصَفا المُشَقَّرِ أَنَّهُ مَحزونُ

سيروا بَني الحاجاتِ يُنجِح سَعيَكُم

غَيثٌ سَحابُ الجودِ مِنهُ هَتونُ

فَالحادِثاتُ بِوَبلِهِ مَصفودَةٌ

وَالمَحلُ في شُؤبوبِهِ مَسجونُ

حَمَلوا ثَقيلَ الهَمِّ وَاِستَنعى بِهِم

سَفَرٌ يَهُدُّ المَتنَ وَهوَ مَتينُ

حَتّى إِذا أَلقَوهُ عَن أَكتافِهِم

بِالعَزمِ وَهوَ عَلى النَجاحِ ضَمينُ

وَجَدوا جَنابَ المُلكِ أَخضَرَ وَاِجتَلَوا

هارونَ فيهِ كَأَنَّهُ هارونُ

أَلفَوا أَميرَ المُؤمِنينَ وَجودُهُ

خَضِلُ الغَمامِ وَظِلُّهُ مَسكونُ

فَغَدَوا وَقَد وَثِقوا بِرَأفَةِ واثِقٍ

بِاللَهِ طائِرُهُ لَهُم مَيمونُ

قَرَّت بِهِ تِلكَ العُيونُ وَأَشرَقَت

تِلكَ الخُدودُ وَإِنَّهُنَّ لَجونُ

مَلَكوا خِطامَ العَيشِ بِالمَلِكِ الَّذي

أَخلاقُهُ لِلمَكرُماتِ حُصونُ

مَلِكٌ إِذا خاضَ المَسامِعَ ذِكرُهُ

خَفَّ الرَجاءُ إِلَيهِ وَهوَ رَكينُ

لَيثٌ إِذا خَفَقَ اللِواءُ رَأَيتَهُ

يَعلو قَرا الهَيجاءِ وَهيَ زَبونُ

لِحِياضِها مُتَوَرِّدٌ وَلِخَطبِها

مُتَعَمِّدٌ وَبِثَديِها مَلبونُ

جَعَلَ الخِلافَةَ فيهِ رَبٌّ قَولُهُ

سُبحانَهُ لِلشَيءِ كُن فَيَكونُ

وَلَقَد رَأَيناها لَهُ بِقُلوبِنا

وَظُهورُ خَطبٍ دونَهُ وَبُطونُ

وَلِذاكَ قيلَ مِنَ الظُنونِ جَلِيَّةٌ

صِدقٌ وَفي بَعضِ القُلوبِ عُيونُ

وَلَقَد عَلِمنا مُذ تَرَعرَعَ أَنَّهُ

لِأَمينِ رَبِّ العالَمينَ أَمينُ

يابنَ الخَلائِفِ إِنَّ بُردَكَ مِلؤُهُ

كَرَمٌ يَذوبُ المُزنُ مِنهُ وَلينُ

نورٌ مِنَ الماضي عَلَيكَ كَأَنَّهُ

نورٌ عَلَيهِ مِنَ النَبِيِّ مُبينُ

يَسمو بِكَ السَفّاحُ وَالمَنصورُ وَال

مَهدِيُّ وَالمَعصومُ وَالمَأمونُ

مَن يَعشُ ضَوءَ الآلِ يَعلَم أَنَّهُم

مَلَأٌ لَدى مَلَإِ السَماءِ مَكينُ

فُرسانُ مَملَكَةٍ أُسودُ خِلافَةٍ

ظِلُّ الهُدى غابٌ لَها وَعَرينُ

قَومٌ غَدا الميراثُ مَضروباً لَهُم

سورٌ عَلَيهِ مِنَ القُرانِ حَصينُ

فيهِم سَكينَةُ رَبِّهِم وَكِتابُهُ

وَإِمامَتاهُ وَاِسمُهُ المَحزونُ

وادٍ مِنَ السُلطانِ مُحمىً لَم يَكُن

لِيَضيمَ فيهِ المُلكَ إِلّا الدينُ

في دَولَةٍ بَيضاءَ هارونِيَّةٍ

مُتَكَنِّفاها النَصرُ وَالتَمكينُ

قَد أَصبَحَ الإِسلامُ في سُلطانِها

وَالهِندُ بَعضُ ثُغورِها وَالصينُ

يَفدي أَمينَ اللَهِ كُلُّ مُنافِقٍ

شَنَآنُهُ بَينَ الضُلوعِ كَمينُ

مِمَّن يَداهُ يُسرَيانِ وَلَم تَزَل

فينا وَكِلتا راحَتَيكَ يَمينُ

تُدعى بِطاعَتِكَ الوُحوشُ فَتَرعَوي

وَالأُسدُ في عِرّيسِها فَتَدينُ

ما فَوقَ مَجدِكَ مُرتَقى مَجدٍ وَلا

كُلُّ اِفتِخارٍ دونَ فَخرِكَ دونُ

جاءَتكَ مِن نَظمِ اللِسانِ قِلادَةٌ

سِمطانِ فيها اللُؤلُؤُ المَكنونُ

حُذِيَت حِذاءَ الحَضرَمِيَّةِ أُرهِفَت

وَأَجادَها التَخصيرُ وَالتَلسينُ

إِنسِيَّةٌ وَحشِيَّةٌ كَثُرَت بِها

حَرَكاتُ أَهلِ الأَرضِ وَهيَ سَكونُ

يَنبوعُها خَضِلٌ وَحَليُ قَريضِها

حَليُ الهَدِيِّ وَنَسجُها مَوضونُ

أَمّا المَعاني فَهيَ أَبكارٌ إِذا

نُصَّت وَلَكِنَّ القَوافي عونُ

أَحذاكَها صَنَعُ اللِسانِ يَمُدُّهُ

جَفرٌ إِذا نَضَبَ الكَلامُ مَعينُ

وَيُسيءُ بِالإِحسانِ ظَنّاً لا كَمَن

هُوَ بِاِبنِهِ وَبِشِعرِهِ مَفتونُ

يَرمي بِهِمَّتِهِ إِلَيكَ وَهَمُّهُ

أَمَلٌ لَهُ أَبَداً عَلَيكَ حَرونُ

فَمُناهُ في حَيثُ الأَماني رُتَّعٌ

وَرَجاؤُهُ حَيثُ الرَجاءُ كَنينُ

وَلَعَلَّ ما يَرجوهُ مِمّا لَم يَكُن

بِكَ عاجِلاً أَو آجِلاً سَيَكونُ