توكل إذا نابتك يوما ملمة

تَوَكَّل إذا نابتك يوماً ملمةٌ

على من له في خَلقِهِ الخلقُ الحكمُ

وسلّم له تقديره وقضاؤه

فبينهما يجري لك الحرب والسلم

ولا ترجُ كشفَ الكربِ من عند غيره

فترجع عنه خائباً ولك الرُّغم

ضعيفاً يُرجِّي من ضعيف إغاثةً

لقد غلط الإدراكُ وانعكس الفهم

فيا نائم الجفنين في حال يقظةٍ

وكم نائم معنى ولم يغشَهُ نومُ

وما الحكم إلاَّ حكمُ ربِّكَ وحده

فاذعن له فالياس من غيره حتم

وكم واهم في قصد عمرو وخالد

فإيَّاك لا يذهب بخاطرك الوهم

فمن ذا الذي أنشَاكَ إذ كنت نطفةً

ضعيفاً ولا لحمٌ عليك ولا عظمُ

ومن ذا الذي غذَّاك تسعة أشهرٍ

وأمُّك لا حس لديها ولا علم

ومن ذا الذي ربَّاك حولين راضعاً

ولا مشربٌ إلاَّ لبان ولا طعم

ومن ذا الذي نَجَّاك من شرّة الصبا

وهرك رام ما يصيب له سهم

ومن ذا الذي ألقى عليك محبةً

تعاورها في حقك لاأب والأم

ومن ذا الذي أعطاك عقلاً وفطنةً

فشاع لك الوصف المشهر والاسم

ومن ذا الذي لقَّاك رشدَكَ يافعاً

فأقررت بالتوحيد إذ جحد الخصم

هو الله جلَّ اللهُ فاعكف ببابِهِ

له البدءُ في مخلوقه وله الختم

فكم أمسك الأرماق والروحُ زاهق

وكم جلب الأرواح والقلب مغتم

وكم دعوة مضطرة قد أجابها

فنلت المنى منها ومن دونها النجم

وكم زلَّة جددتها إثر زلَّة

تداركك الإمهال فيهن والحلم

أتعلم هذا ثم تعمل ضدَّهُ

لقد ضاع فيك الرأي واطَّرح الحزم

فمالك في التحقيق حبٌّ ولا هوى

ولا من سداد الفكر حظّ ولا قسم

تخلَّ على المخلوق إنَّك مثله

وأمّ الذي يهدي إلى قصده الأمّ

ولا ترجُ إلاّ الله في كلِّ حالة

فوضع الرجا في غير موضعه ظلم

وفي يوسف الصديق أعظمُ حجة

بأن ليس للمخلوق في مثله حكم

وفي قوله اذكرني لساقي مليكه

دليلٌ لمن في الصالحات له عزم

فاصلح فساد الفعل منك بتوبة

فمن خان مال الغير ظهَّره العزم