مديح نبي الله أزكى التعبد

مَديح نَبيِّ اللَه أَزكى التَعَبُّدِ

لِما حازَ مِن فَضلٍ وَفَخرٍ وَسؤدَدِ

مَعشَرَ مَن يُدلي لَهُ بِتَوَدُّدِ

تَعالوا فَعِندي لِلنَبيِّ مُحَمَّدِ

مَديحٌ كازهارِ الخَمائِلِ طُلَّتِ

مَديحٌ عَلى الإِسهابِ لَم يَقضِ حَقَّهُ

صَحيحُ المَعاني يَعلَمُ اللَهُ صِدقَهُ

وَأَنَّ سِوى المُختارِ لَم يَستَحِقَّهُ

تَبَلَّجَ إِصباحُ الحَقائِقِ فَوقَهُ

وَفاحَ عَلى فَحواهُ مِسكُ الأَدِلَّةِ

حُلى المُصطَفى أَكرِم بِهِ أَفضَلالحُلى

يُقَصِّرُ فيها القَولُ مِنّا وَإِن غَلا

هُوَ الآخِرُ المَعدودُ في الفَضلِ أَوَّلا

تَبارَكَ رَبٌّ كَمَّلَ المَجدَ وَالعُلا

لأَفضَلِ مَبعوثٍ بِأَفضَلِ مِلَّةِ

خِصالُ التُقى وَالبِرِّ مِنهُ تُعُلّمَت

وَشِرعَتُهُ أَحيَت شَرائع قُدِّمَت

بَناها وَكانَت قَد عَفَت وَتَهَدَّمَت

تَمامُ نِظامٍ لِلنَبيينَ تُمِمَت

بآياتِهِ آياتُهُم فاِستَقَلَّتِ

تَهَدّى بِتَوفيقِ الإِلَهِ لِدينِهِ

وَلا وَحيَ إِلّا مِنصَفاءِ يَقينِهِ

وَلَمّا أَتاهُ رَبُّهُ بأَمينِهِ

تَلألأ بَرقُ البِشرِ فَوقَ جَبينِهِ

وَسَحَّ غَمامُ الراحَةِ المُستَهِلَّةِ

تَيَمَّن بِهِ وانوِ التَبرُّكَ باسمِهِ

وَلا تَعدُ في شَيءٍ طَريقَةَ رَسمِهِ

فَقَد قَسَمَ المَولى لَهُ خَيرَ قَسمِهِ

تَرَقّى إِلى السَبعِ الطِباقِ بِجِسمِهِ

وَقَد أَشرَقَت أَملاكُها وَتَجلَّتِ

تَرَقّى إِلَيها إِذ تَمَكَّنَ طيبُهُ

وَكادَ لَهيبُ الشَوقِ وَجداً يُذيبُهُ

فَجاءَ بِهِ نَحوَ العِلاجِ طَبيبُهُ

تَرَقّيَ مَحبوبٍ دَعاهُ حَبيبُهُ

فَطارَت بِهِ أَشواقُهُ وَتَعَلَّتِ

تَكَنَّفَهُ حِفظُ الإِلَهِ وَصَونُهُ

وَتأييدُهُ في كُلِّ حالٍ وَعَونُهُ

وَمِمَّا بِهِ قَد خَصَّهُ اللَهُ كَونُهُ

تَنامُ عُيونُ الغافِلينَ وَعَينُهُ

بِما شاهَدَت في لَيلِها قَد تَخَلَّتِ

تَخَلَّت لِأَمرٍ لضم يُنَوَّلهُ مَن مَضى

رآهُ لَهُ رَبُّ البَريَّةِ مُرتَضى

وَحينَ اِنقَضى مِن ذَلِكَ الأَمرِ ما اِنقَضى

تَلَقَّتهُ أَملاك المُهَيمِنِ بالرِضى

وَقَد رَفَعَت مِن شأَنِهِ وَأَجَلَّتِ

أَضاءَت سَناهُ فاِستَبانَت سَناءَهُ

وَلِلَّه دانَت في الصَلاةِ وَراءَهُ

وَلَمّا أَطابَ اللَهُ مِنها ثَناءَهُ

تَمَنَّت عَلى كَرِّ العُصورِ لِقاءَهُ

فَلَمّارأَتهُ قَدَّمَتهُ وَصَلَّتِ

لَقَد مَجَّدَت مِنهُ أَبَرَّ مُمَجَّدٍ

عَلى كُلِّ ما يُحظى لَدى الرَبِّ مُنجِدٍ

فَلا قَدرَ إِلّا دونَ قَدرِ مُحَمَّدٍ

تَضاءَلَتِ الأَقدارُ عَن قَدرِ سَيّدٍ

شَفى كُلَّ قَلبٍ مِن ضَنى كُلِّ عِلَّةِ

هُوَ الخَيرُ الداعي إِلى خَيرِ مِلَّةٍ

كَريمٌ جَليلٌ مِن كِرامٍ وَجِلَّةٍ

حَوى الفَخرَ مِن وَجهَينِ وَصلٍ وَخُلَّةٍ

تَحَلَّت بِهِ الأَيّامُ أَحسَنَ حِليَةٍ

وَحَلَّت بِهِ الأَفهامُ أَحصَنَ حِلَّةِ

لَقَد فازَ مَن كانَ الرَسولُ إِمامَهُ

يَقودُ بِهِ نَحوَ النَجاةِزِمامَهُ

وَكُلُّ مَنِ اِستَعصى عَلَيهِ أَنامَهُ

تَسيرُ رياحُ النَصرِ شَهراً أَمامَهُ

فأَعداؤُهُ ما بَينَ خَوفٍ وَذِلَّةِ

هَدى أَنفُساً ضَلَّت عَنِ الرُشدِ فاِهتَدَت

فاِهتَدَت فَصامَت وَقامَت لَيلَها وَتَهجَّدَت

بِيُمنِ رَسولٍ في الصَلاح بِهِ اِهتَدَت

تَقَلَّدَ سَيفاً لِلرِسالَةِ أُغمِدَت

لِهَيبَتِهِ الأَسيافُ مِن حَيثُ سُلَّتِ

تَعَزَّزَ ديناً فاِعتَلى كُلَّ قِمَّةٍ

وَجَرَّدَ في أَعدائِهِ سَيفَ نِقمَةٍ

وَلَمّا عَلا قَدراً وَرِفعَةَ هِمَّةٍ

تَداعَت لَهُ الأَملاكُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ

غُروراًفَلَمّا اِستَقبَلَتهُ تَوَلَّت

بَني لِخَرابِ الشِركِ أَرفَعَ مَسجِدٍ

تَخَلَّفَهُ في الأَرضِ أَفضَلَ مَعهَدٍ

فَلِلَّهِ ما أَحلى مَقالَة مُنشِدٍ

تَزَيَّنَتِ الدُنيا بِنورِ مُحَمَّدٍ

فَحَلَّت بِهِ في مأمَنٍ وَتَحَلَّتِ

تَبارَكَ رَبٌّ خَصَّ بِالفَضلِ عَبدَهُ

وَصانَ عَنِ الدُنيا الدَنيَّةِ قَصدَهُ

وَصَيَّرَهُ كَيما يُخَلِّدَ مَجدَهُ

تَلوذُ بِهِ الأَبصارُ في الحَشرِ وَحدَهُ

وَيُعرَفُ قَدرُ الشَمسِ بَينَ الأَهِلَّةِ

أَتاحَ لإِذهابِ المَناكِرِ عُرفَهُ

وَعَوَّضَنا عَن واكِفِ القَطرِ كَفَّهُ

وَجاءَ بِهِ في الحَشرِ يَقدُمُ إِلفَهُ

تَراهُ إِماماً وَالنَبيونَ خَلفَهُ

وَقَد نُشِرَت أَعلامُهُ وأَظَلَّتِ

لَقَد أَعجَزَالآباءَ إِيلادُ شِبهِهِ

نَفى داعيَ الدُنيا بِشِدَّةِ نَجهِهِ

وَإِذردَّ مِنها الطَوعَ صادِقُ كُرهِهِ

تَقَدَّمَ وَالبُشرى تَلوحُ بِوَجهِهِ

تَقَدُّمَ مَخصوصٍ بِحُبٍّ وَخُلَّةِ

عَكَفنا عَلى أَمداحِهِ نَستَطيبُها

فَنَهتَزُّ كالأَغصانِ ماسَ رَطيبُها

نَقولُ وَقَد طالَتوَقامَ خَطيبُها

تَطاوَلَتِ الأَمداحُ واِزدادَ طيبُها

وَلَو أَنَّها لا تَنقَضي لاستُقِلَّتِ