رسالة إلى سيدتي التي لم تحضر

(1)

يا سيّدتِي !

هذا ما يُزعجُني

أنْ أرقُبَ صَوْتَ المِحْجَرِ يغزونِي،

فيُمزّقُ أوردَتِي،

وليكتبْ في داخلِ أيّامِي

أنّي لمْ أعرفْ ( سيّدتي ) !!

(2)

يا سيّدتي !

ميعادُ اللّيلِ يُراودُنِي

يبعثُني في مَوكِبِ أحْلامي،

ويجولُ بيَ الآفاقَ لكيْ يرسمَني

نُقطةَ تاريخٍ حمْراء.

موجعةٌ ذِكرى نَهْديْك،

وحنينُ الشّفةِ السُّفلى للماء .

(3)

يا سيّدتِي !

لم أبصرْ في تاريخِ الأحزانِ،

حُزناً عَاجيّاً يتلامعُ كالبُلّور

في عينيْك .

لم أبصرْ مدداً بحريّاً يترامَى في خديّكْ

كبياضِ الرّوح .

(4)

يا سيّدتي !

إنّي حينَ يُلامسُني صوْتُكِ

تنْتفضُ العَنْقاء،

وأُحسُّ بأنّي بُركانٌ في قَلْبِ الصّحراء،

لم أشعرْ يا سيّدتي –

أنّ السّيفَ النائمَ لمْ ترفعْهُ سوى بارقةِ العينيْن،

وبأنّ العُمْرَ الآثمَ لمْ يُولدْ،

وبأنّي لم استنشقْ رائحةَ الإغواء .

(5)

يا سيّدتي !

لم أكتبْ منْ نُورِ جبينِكِ مَوالا،

لم أنقُشْ في مَتحَفِ صدرِكِ أوجاعا ،

لم أنبشْ من ساحةِ تاريخِكِ دندنةً،

لم أعرفْ – بعدُ تفاصيلَ الذّكرى .

(6)

يا سيّدتي !

يكفيني أنّكِ ( سيّدتي )

وبأنّي تمثالٌ يختصرُ الدّنيا في ضوءِ عُيونِكْ.

لنْ يبقى في الدّنيا – يا سيدتِي – إلا أنّكِ ( سيّدتِي ) .