أذكيت حر الجوى والليل قد بردا

أَذكيت حَر الجَوى وَاللَيل قَد بَرَدا

يا بارِقاً حَرك الأَشواق ثُم هَدا

أَضرمت نار اِشتياق لَم تَكُن خَمَدَت

فَاِنهل وَاكف دَمع لَم يَكُن جمدا

يا حاكم الحُب لا زالَت أَوامِرَهُ

في الناس نافِذَةً إِن جارَ أَو قَصَدا

هَل في شَريعتَك الغَرّاء يا حكمي

إِن لا أَزال جَليس الهَم مُنفَرِدا

أَم في الهَوى إِنَّ مِن عفت سَرائِرَهُ

يَجفي وَإِن لا يُلاقي لِلجَفا أَمَدا

إِن جازَ هَذا فَهَل في الحُب سَفك دَمي

بِغَير ذَنب وَلا عَقل وَلا قودا

وَهَبَت روحي لِمَن أَمسى يُعذِبُها

وَجانب البُخل مَن أَعطى الحَمام يَدا

أعلم فَديتك يا مَن صَد عَن دَنف

لا يَعرف الدَهر إِلّا الحُزن وَالكَمدا

إِذا تَنَعمت إِني مِنكَ في كَرب

وَحينَ تَرقُد إِن الصَب ما هَجَدا

بَراهُ صَدّك حَتّى قالَ عوَّدهُ

إِذا لَم يَدَع مِنهُ فَرط السُقم غَير صَدا

أَنّا لَنسمع مِن تِلقاءِ مَضجَعِهِ

أَنين صَبٍّ وَلَكن لا نَرى أَحَدا

مَلّ الحَياة وَملتهُ عَوائِدُهُ

فَلَو يُباح لَهُ وَرد الرَدى وَردا

أَرى الهَوى واحِداً في نَفسِهِ وَأَرى

طَرائق الحَتف في سُبل الهَوى قَددا

بَليت في حُب مِن حَبيبهِ برّح بي

بِغيرة لَم تَدَع لي في الهَوى جَلدا

أَجفو الرقاد وَقَد نامَ الوَرى جَزَعاً

من أَن يَرى طَيفُهُ في النَوم مَن رَقَدا

لا بَل أَغارَ عَلَيهِ إِن تمثلهُ ال

أَفكار أَو تَتَمناهُ وَإِن بَعدا

بَل ما رَأَيت عُيون الناس ترمقهُ

إِلّا تَمنيت إِني لَم أَكُن أَبَدا

قَد تيم الظَبي مِنهُ سحر مُقلَتِهِ

فَهامَ في حُبِهِ مِن حَر ما وَجَدا

وَمُنذُ أَبصَرَ وَرد الرَوض وَجنَتُهُ

بَدا الذُبول عَلى أَوراقِهِ حَسَدا

لَم يَذكُروا عِندَ خوط البان قامَتُهُ

إِلّا وَمالَ مِن الأَشواق أَو سَجَدا

يا فِتنَة أَلحاظك المرضى عَلى كَبدي

فَفتقت كَبدي الحَرّا فَواكبدا

قَد ضاقَ قَلبيَ بِالوَجد المُذيبِ لَهُ

فَلو أَرادَ مَزيداً مِنهُ ما وَجَدا

لَو إِن ما بي بِماءِ المَزن لانعَقَدا

أَو بِالهَواءِ وَلَو معشاره اِتَقَدا

أَو كانَ شَوقي بِأَهل الكَهف ما رَقَدوا

وَما رَأَوا فيهِ إِلّا الفكر وَالسُهدا

استنجد الصَبر وَالأَشواقُ تَهزمهُ

وَأَمترى مَدمَعي وَالدَمعُ قَد نَفَدا

مِن العَليل قَضى ظُلماً بِعِلَتِهِ

وَحَرُّ أَشواقِهِ الوَقّاد ما بَرَدا