أكابد من برح النوى ما أكابد

أَكابد مِن برح النَوى ما أَكابدُ

وَأَني عَلَيها لَو يفيد لواجِدُ

أَئنُّ مِن الشَوق المُبرح وَالجَوى

أَنين عَليل أَسلَمتُهُ العَوائِدُ

كَأَنَّ بِقَلبي نار سَفر تَشبها

بِنشز مِن الأَرض الرِياح الصَوارِدُ

يَكادُ يَشف الجسم عَنها مِن الضَنا

فَيبصرها مَحسوسة مِن يُشاهِدُ

أَبيتُ عَليلاً لا أَرى لِيَ عائِداً

سِوى زَفرات في الحَشا تَتَصاعَدُ

وَأَني لَمُشتاق إِلى الأَهل وَالحمى

وَلَكن إِلى مَولايَ شَوقيَ زائِدُ

صَفا وَدَنا مِما يَكدر غَيرُهُ

فَما ثمَّ في هَذا البعاد تَباعدُ

لَئِن كُنتَ قَد ساعَدتَني في ملمة

رَماني بِها الدَهر الظَلوم المُعاندُ

فَمثلكَ مَذخور لَها وَمُؤمل

وَمثلكَ لِلأَحرار فيهِ مُساعِدُ

وَما زالَ يُبدو مِنكَ لي مُتطولاً

عَوارف لَيسَت تَنقَضي وَمَحامدُ

وَما كانَ مني بِاِختيار فراقكم

وَلَكنَّ رَيب الدَهر ما لا يُعانِدُ

بِأَدنى الَّذي أَلقاهُ مِن لاعج الأَسى

تَمور وَتندك الجِبال الرَواكِدُ

وَلَو بحتُ بِالشَكوى لرقت لَها العِدى

وَذابَت لَها صم الحَصا وَالجلامدُ

وَمَهما اِشتَكَيت الدَهر مِن جور صَرفِهِ

فَأَني لَما أَولانيَ اللَه حامدُ