بعينيه سحار يعلمني السحرا

بِعَينيهِ سَحار يعلمني السِحرا

وَيوحيهِ لي سرّاً فَأنظمهُ شِعرا

وَلَيسَ بِقَولي إِن في اللَحظ ساحِراً

مُبالغَة لا وَالَّذي خَلَقَ السحرا

يسرُّ رُضاهُ عَن عُيون رَقيبِهِ

وَيَفهمنيهِ حينَ يَلحَظني شَزرا

وَأَقسَمتُ لَو تَدنو الطَلا مِن رِضابِهِ

لِعُطرِها طيباً وَغَيبَها سُكرا

مَناطِقهُ في خِصرِهِ أَبَداً حَيرى

كَحيرة قَلبي بَعدَ ما زايل الصَبرا

فَلا قَلب إِلّا في هَواهُ مُبلبلٌ

وَلا عَينٌ إِلّا مِن تَجنيهِ عَبرى

بِروحي حَبيباً صَدَّ عَنيَ مُعرِضاً

وَعاقَبَني بِالهَجر ظُلماً وَلا وَزرا

تَطاول لَيلي وَالسُهاد وُهَجرَهُ

فَلا فَرَجاً أَرجوهُ فيهِ وَلا فَجرا

كَأَنَّ جَبين الصُبح سِرّاً أَسرَّه

ضَمير الدُجى ما إِن يُريد لَهُ نَشرا

لَقَد قَطَعت بِالشَوق قَلبي يَد الذِكرى

فَواقَلبيَ البالي وَواكبدي الحَرا

وَشَفتنيَ الأَسقام إِذ أَعوز اللقا

فَلَم تَبقَ لي إِلّا المَدامع وَالفِكرا

أَقول لِطَير باتَ يَندُب أَلفَهُ

إِذا حَنَّ مِما شَفَهُ مَلأ الصَدرا

يَكادُ إِذا ما ناحَ حَرّ حَنينِهِ

يُمزق مِنهُ الصَدر وَالطَوق وَالنَحرا

إِذا رَنَّ مِن فَوق الأَراكة رَنة

تَنَفَسَت أَنفاساً لَها تَحرق الجَمرا

كِلانا غَريب يَشتَكي حَرقة النَوى

كِلانا مُحبٌّ يَشتَكي الصَد وَالهَجرا

كِلانا وَحيد فارَقَ الأَلف راغِماً

وَصاحب فيها الهَمَّ وَالحُزنَ وَالضَرّا

وَلَكن أَرى مِنكَ الدُموع بِخيلة

وَفَيض دُموعي يَغمُر البرَّ وَالبَحرا

أَتذَكُرُني يا طَير مَن أَنا ذاكر

وَلَم أَنسَهُ يَوماً فَتَحَدث لي ذِكرا

أَلا لَيتَ شِعري هَل سَبيلٌ إِلى اللُقا

فَفي ساعة مِن قَربِهِ أَبذل العُمرا

لَقيت الرَدى قَبل اللُقا إِن نَسيتهُ

وَإِن كانَ بَعد الأَلف وَرد الرَدى أَحرى