جوانحه جمر ومدمعه سكب

جَوانِحُهُ جَمرٌ وَمَدمَعَهُ سكبُ

وَمَطلَبُهُ صَعب وَأَيّامُهُ حَربُ

وَلا دَهرُهُ يَرثي وَلا أَلفَهُ يَفي

وَلا دَمعَهُ يَرقى وَلا نارهُ تَخبو

فَمِن لِعَليل جَسمَهُ وَفُؤادَهُ

بِحُكم التَجَني لِلضَنا وَالأَسى نَهب

وَمُستَعجم الأَلفاظ مِن خَمرة اللَما

عَلى أَنَّها مِن دونَها اللُؤلؤ الرَطب

أَغنّ إِذا أَملى الحَديث تَرى الَّذي

يُحادثهُ مِن سُكر أَلفاظِهِ يَكبو

لَهُ سَيف طَرف سحر أَلحاظِهِ لَهُ

فَرند تَكل المُرهَفات وَلا يَنبو

إِذا عَطَّفتُهُ رَحمة لِمُحبِهِ

ثَنَت قَلبُهُ عَنهُ المَلالة وَالعَجَب

وَيَجني فَأَمحو بِاِعتِذاري ذُنوبَهُ

فَلا يَنقَضي عُذري وَلا يَنقَضي العَتَب

وَكُلُ عَذاب يَرتَضيهِ عُقوبَةً

لِنَفسي سِوى الأَعراض يَحمِلهُ القَلب

يَقول وَقَد أَفنى دَمي بَعدَ عِبرَتي

بَكايَ فَلا شَيءٌ يَجود بِهِ الغَرب

أَما لَكَ قَلب يا فَتى فَتُذيبُهُ

وَتَسفحهُ دَمعاً لِيَرضى بِهِ الحُب

فَلَيسَ يُدين الحُب أَن يَصحَب الَّذي

تُصاحِبُهُ الأَشواق قَلب وَلا لُب

وَما الحُب إِلّا إِن تَسيل مَدامع

تَفيض دَماً صَرفاً فَتَفتَضح السُحب

فَقُلت لَهُ تَفديكَ نَفسي مِن الرَدى

وَلَيسَ مِن الإِنصاف أَن يَقتُل الصَب

لَقَد طالَما ذَرَيت دَمعي وَطالَما

بَكَيت دَماً حَتّى إِرتَوى مِن دَمي التُرب

وَلَو كانَ قَلبي باقياً لَأَذَبتُهُ

وَلَكِنَهُ أَودى بِهِ الشَوق وَالكَرب

فَمَن لي بِقَلب يَشتَفي بِعَذابِهِ

مُعذِبُهُ مِنهُ وَإِن لَم يَكُن ذَنب

تَداوَيت مِما بي بِكُل مُجَرب

صَحيح أَفادَتهُ الأَطباءُ وَالكُتب

فَما إِزدَدت إِلّا علة وَصبابَةً

وَلَم تَنقض البَلوى وَما نَفَع الطب

فَأَيقَنت إِن الحُب لَيسَ لَهُ دَوا

عَلى أَنَّهُ قَد يَنفَع المدنف القُرب