واحر غلة قلبي الوقاد

وَاحرَّ غلة قَلبيَ الوَقّادِ

وَواطول ما يَلقى الفُؤاد الصادي

قَد مَزّقتهُ بِشدوها قَمريةٌ

مِن فَوق غُصن أَراكة مَيّاد

فَتَراقَصَت أَفلاذُهُ حَبباً عَلى

كاس الدُموع لِصَوت هَذا الشادي

أَهون بِقَلب في الصَبابة لَم يَذُب

وَبِمُقلة مَكحولة بِسُهاد

أَينام مُشتاق تَسيل جِراحُهُ

نَائي المَزار حَليف وَجد بادي

وَنَواحل تَحكي السِهام سِواهِمٌ

يَرمينَ أَغراضاً مِن الأَنجاد

يَرقمنَ أَدراج الفَلا بِمناسم

راحَت تَمُجُّ بِهِ دَم الفرصاد

يَحملنَ أَشباحاً تَميل رُؤسهم

سَكرى ناس كَالقَنا المنآد

أَنضاء أَشواق لَما قَد شَفهم

وَصَلوا عُرى الآساد بِالآساد

يَحدونَ للهيم النَوافخ في البَرى

فَيعللون صَوادياً بِصَوادي

وَقَفوا عَلى دَمن هَوامد بِاللَوى

يَتَعلَلونَ بِنَظرة المُرتاد

جَعَلوا هُنالِكَ دَمعَهُم وَمَقالَهُم

وَقفاً عَلى النَشدان وَالإِنشاد

فَإِذا تَرَنَم طائر في أَيكَةٍ

طارَت قُلوبُهُم عَن الأَجساد

يا أَيُّها الرَكب أَربعوا عَن مربع

فيهِ الرَدى لِلوَفد بِالمِرصاد

أَياكُم وَمَسارح الآرام مِن

ذي الأَسَل فَهِيَ مصارع الآساد

كَم دونَ زُرق نِطاقُهُ مِن بيض أَس

ياف تَحرمهُ وَسُمر صعاد

أَو لَم تَروا لِلعاشِقينَ بِجوهِ

كَالطَير أَفئِدَةً تَلوب صَوادي

كَيفَ السَبيل إِلى الوُرود وَقَد حَكا

لَون الشَقائق مِن دَم الورّاد

وَصَباً أَتَت تَسري إِلى فَقرّفت

مني جِراح فُؤاديَ المُعتاد

فَعلمت لَما إِن شممت عَبيرَها

إِن الصِبا مَرَّت بِذاكَ النادي

وَبِمُهجَتي مِن راج يُوقد ذكرُهُ

في أَضلُعي جَمراً بِغَير زِناد

لا يَستَريح مُتَيم في حُبِهِ

مِنهُ بِقُرب لا وَلا بِبُعاد

القُرب مِنهُ بِالصُدود منغص

وَالبُعدُ عَنهُ مُفتت الأَكباد

أَمزوُ دي يَوم الرَحيل بِنَظرة

كانَت بِرَغمي مِنهُ آخر زادي

كَم لَيلة بَعد الفُراق طَويلة

أَفنيتُها بِتململ وَسُهادِ

قَد نامَ فيها البَرق عَن أَرَقي كَما

نامَت حَمام الأَيك عَن إِسعادي

رَقأت جُفون دجونها وَمَدامِعي

مُنهلة تَهمي بِغَير نَفادِ

وَالنجم أَحير مِن شَجيّ قَد رَأى

هَول النَوى وَشماتة الحُسّادِ

فَقَطعتها فَرداً بِطَرف دامع

دامِ وَأَنفاس عَلَيكَ مِداد

قَلَقاً سَحابتها كَأَنَّ مَدامِعي

حشيت بجمر أَو بِشَوك قِتاد

وَبَدا الصَباح فَخِلتُهُ مِن وَحشَتي

ثَكلاءَ تَرفل في ثِياب حِداد

فَكَأَنَّما لَطَّخوا بِحَظي وَجهَهُ

وَجَبينهُ الوَضّاح أَو بِمداد

وَشَوارد مثل الزُلال سلاسةً

تَأبى بِأَن تَنقاد لِلنُقادِ

صاغَ البَيان عُقودَها وَأَجادَها

فَغَدَت تَغير قَلائد الأَجياد

يَضطَر سامِعُها إِلى تَقريظِها

فَضلاً عَن الأَصغاءِ للإِيراد

ضَمنتها شَكوى الصَبابة وَالهَوى

وَعِتاب دَهر مولَع بِعِنادي

جارَ الزَمان مَع الهَوى حَتّى لَقَد

يَئِسَ الطَبيب وَمَلَني عَوادي

وَاستلت الأَيّام سَيفاً مُرهَفاً

ماضٍ عَلى الأَحرار وَالأَمجاد

فَالبس لِذاكَ مِن التَصَبُر لامة

فَالصَبر درع الحَر يَوم جلاد

ما في بَني حَواءَ أَتعَب مِن فَتى

يَبغي مِن الآداب نيل مُرادِ

إِن الرضاءَ بِما لَدَيك هُوَ الغَني

وَالمُلك كُل المُلك للزُهّاد

وَالشان إِن تَغني بِنَفسك عَن نَدى ال

أَمجاد فَضلاً عن جَدي الأَوغاد

ما زالَت الأَيام تَضمُر كَيدَها

لِأَولي النُهى كَالجَمر تَحتَ رَمادِ

ضَربَ الزَمان عَليَّ دونَ مَطالِبي

لَما أَبيت الذُلَّ بِالأَسداد

حَسبي وَحَسبُكَ يا زَمان ظَلَمتَني

وَأَخَذتُني بِجَرائر الأَجداد

أَوقَدت في الأَحشاءِ نيران الأَسى

وَرَمَيتُ زِند الحَظ بِالأَصلاد

وَأَذَقتَني غصص التَغرب بَعدَما

أَفرَدَت عَن سَكني وَأَهل وِدادي

كلَّت مَناكب حِيلَتي وَتَجَلُدي

مِما تَزاحَم قُسوة الأَضدادِ

أَسكَنَت غَر مَعاشِري دَور البَلا

فَرَددت أَسيافاً إِلى أَغمادِ

مِن كُلِ أَروع لا يَكادا باؤهٌ

يَعطي يَد الأَيام فَضل قِياد

طاروا إِلى داعي الرَدى فَكَأَنَّهُم

رَكِبوا الجِياد إَلى صَريخ مُنادي

أَفوَت مَنازلَهُم وَكانَت مُدة

مَأوى العفاة وَمَوطن الوَفّاد

فَأَنا الغَريب وَلَيسَ لي مِن مُؤنس

وَأَنا الأَسير وَلَيسَ لي مِن فادي

ما لي سِوى حُبي لِآل مُحَمَدٍ

أَمَلٌ بِهِ أَرجو فَكاكَ صَفادي

وَمَدائِحي لَهُم عَلى علّاتِها

عَمل أَقدمهُ لِيَوم مَعادي