أراك على المغيب فهل تراني

أَراكَ عَلى المَغيبِ فَهَل تَراني

وَهَل يَخفى عَلى أَحَدٍ مَكاني

دَعا الداعي فَأَسمَعَ حينَ نادى

بَني الأَقطارِ مِن قاصٍ وَدانِ

مَضوا زُمَراً إِلى واديكَ شَتّى

فَهَل وَجَدوا بِهِ ريحَ الجِنانِ

وَظَلّوا عاكِفينَ عَلَيكَ حَتّى

كَأَنَّكَ كُنتَ مِن خَيرِ الأَماني

فَمِن مَلِكٍ أَغَرَّ وَمِن أَميرٍ

أَعَزَّ وَكاتِبٍ ذَرِبِ البَيانِ

أَتَوكَ وَعاقَني حِدثانُ دَهرٍ

يُصَرِّفُ لا كَما أَرضى عِناني

يَعَزُّ عَلَيكَ أَنّي عَنكَ ناءٍ

تَرى تِلكَ الوُفودَ وَلا تَراني

رُوَيدَكَ إنَّ شَخصَكَ مِلءُ عَيني

وَذِكرَكَ ما يزالُ عَلى لِساني

أَيَشغَلُ شاعِرَ الوَطَنِ المُفَدّى

سِواكَ وَأَنتَ شُغلُ بَني الزَمانِ

حَدا أَسرابَهُم بَرحُ اِشتِياقٍ

إِلَيكَ وَقادَهُم فَرطُ اِفتِتانِ

سَيَكفيكَ الَّذي تَخشى وَتَرجو

مِنَ الأدَبِ المُهَذَّبِ ما كَفاني

فَهَل لَكَ أَيُّها الخَزّانُ عَهدٌ

بِحِفظٍ لِلصَنيعَةِ أَو صِيانِ

وَقَبلَكَ ضاعَ شِعري في دِيارٍ

شَجاني مِن بَنيها ما شَجاني

تعامى مَعشَرٌ عَنّي وَعَنهُ

فَيا عَجَبي أَيَخفى النَيِّرانِ

بِرَبِّكَ هَل يَريدُ ذَووكَ خَيراً

بِشَعبٍ عاثِرِ الآمالِ عانِ

وَهَل تُروى الكنانَةُ وَهيَ ظَمأى

فَتَروي عَن صَنائِعِكَ الحِسانِ

أَحَقّاً أَنتَ داهِيَةٌ جَناها

عَلَينا مِن بَني التاميزِ جانِ

أَحَقّاً أَنَّهُم صَدَقوا فَجاءوا

بِأَحسَنِ ما بَنى لِلخيرِ بانِ

سَتُخبِرُنا اليَقينَ صَروفُ دَهرٍ

يَكُرُّ بِها قَضاءٌ غَيرُ وانِ

لَنا إِن رُمتَ شُكراً لا عَلَينا

كَفانا مِن بُناتِكَ ما نُعاني

فَيا صُنعَ الجَبابِرَةِ اِستَعانوا

عَلَيكَ بِخَيرِ رِدءٍ مُستَعانِ

قُوى أَيديهُمُ وَقُوى نُهاهُم

كِلا الأَمرَينِ عُدَّةُ كُلِّ شانِ

سَتَبقى يا عَروسَ النيلِ تُبدي

جَمالَ الفَنِّ آناً بَعدَ آنِ

تَمُرُّ الحادِثاتُ عَلَيكَ سِلماً

تُقَلِّبُ عَينَ ذي الفَزَعِ الجَبانِ

وَلَيسَ لَها وَإِن جَهِلَت عَلَينا

بِما لا تَبتَغي مِنها يدانِ

أَعِر مِصراً كِيانَكَ إِنَّ مِصراً

وَقاها اللَهُ واهِيَةُ الكِيانِ

أَرى الهَرَمَينِ قَد هَرِما وَشاخا

وَأَنتَ مِنَ الصِبى في عُنفُوانِ

فَناجِهِما وَلَو قَدِرا لَخَفّا

إِلَيكَ فَأَقبَلا يَتَبارَيانِ

عَلَيَّ الجِدُّ يُعجِبُ سامِعيهِ

وَلَيسَ عَلَيَّ وَصفُ المِهرَجانِ