أرى الدم يجري في الكنانة دائبا

أَرى الدَمَ يَجري في الكِنانَةِ دائِباً

وَما اِنفَكَّ داعي الشَرِّ يَجري وَيَدأَبُ

لَعَمري لَقَد جَلَّت مُصيبَةُ أُمَّةٍ

يَخونُ بَنوها عَهدَها حينَ تُنكَبُ

وَما كُنتُ أَخشى أَن تَرى العَينُ فِتيَةً

عُكوفاً عَلى اللَذّاتِ تَلهو وَتَطرَبُ

كَأَن لَم يَكُن في مِصرَ شَيءٌ يَروعُها

وَلَم يَعرُها يَومٌ مِنَ النَحسِ أَشهَبُ

حَنانَكَ رَبَّ الناسِ بِالأَنفُسِ الَّتي

تَبيتُ مِنَ المَكروهِ حَيرى تَقَلَّبُ

عَناها مِنَ الحِدثانِ ما رُوِّعَت بِهِ

وَمِن هائِلِ المَقدورِ ما تَتَرَقَّبُ

حَنانَكَ إِنَّ العَيشَ غُمَّت وُجوهُهُ

وَراحَت وُجوهُ المَوتِ حُمراً تَلَهَّبُ

إِلَيكَ أَنبَنا لائِذينَ بِرَحمَةٍ

هِيَ العِصمَةُ الكُبرى إِذا ريعَ مُذنِبُ

تَدافَعَتِ الأَهوالُ مِن كُلِّ جانِبٍ

وَجاءَت خُطوبُ الدَهرِ تَتَرى تَأَلَّبُ

وَوَلّى بشيرُ الخَيرِ بِالخَيرِ مُعرِضاً

وَقامَ نَذيرُ الشَرِّ بِالشَرِّ يَنعَبُ

وَأَقبَلَ مِنّا ذو البَنينِ مُوَدِّعاً

بَنيهِ يَخافُ المَوتَ وَالدَمعُ يُسكَبُ

بَكوا لِأَناشيدِ الوَداعِ وَما دَروا

أَجَدَّ أَبوهُم أَم تَطَرَّبَ يَلعَبُ

وَمَذعورَةٍ لَم تَدرِ مِمّا أَصابَها

أَيهلِكُ أَم يَبقى لِأَبنائِهِ الأَبُ

يَبيتانِ طَوعَ السُهدِ مِن تَعَبِ النَوى

وَلَكِنَّهُ مِمّا دَها مِصرَ أَتعَبُ

يَخافُ عَلَيها شَرَّ قَومٍ تَنَمَّروا

يُريدونَها بِالسوءِ لَمّا تَوَثَّبوا

يَجوبونَ أَطرافَ البِلادِ وَما بِهِم

سِوى الصَيدِ يُرمى وَالفَريسَةِ تُطلَبُ

رَمانا بِهِم قَومٌ يُريدونَ مَأرِباً

وَلِلخائِنِ المَخدوعِ في السوءِ مَأرِبُ

يَخافونَ يَومَ العَدلِ وَالعَدلُ مُقبِلٌ

بِأَيّامِهِ وَالدَهرُ بِالناسِ قُلَّبُ

فَذَلِكَ يَومٌ لا مَحالَةَ واقِعٌ

وَإِن سَفَهَت أَحلامُهُم فَتَرَيَّبوا