أرى العدل دعوى يعجب الناس حسنها

أَرى العَدلَ دعوى يُعجِبُ الناسَ حُسنُها

وَيَخدَعُهُم عَنها الحَديثُ المُلَفَّقُ

أَكاذيبُ يُزجيها الفَتى وَهوَ عالِمٌ

إِذا ما اِدَّعاها أَنَّهُ لَيسَ يَصدُقُ

فَشا الظُلمُ بَينَ الناسِ وَاِعتَزَّ أَهلُهُ

وَباتَ ضَعيفُ القَومِ يُؤذَى وَيُرهَقُ

خَلِيّاً مِنَ الأَعوانِ يُغصَبُ حَقُّهُ

فَيُغضي وَيُرمى بِالهَوانِ فَيُطرِقُ

إِذا اِستَصرَخَ الأَقوامَ يَرجو غِياثَهُم

رَأى جَمعَهُم مِن حَولِهِ يَتَفَرَّقُ

رَأَيتُ مُلوكَ الناسِ لا يُنصِفونَهُم

وَخَيرُ المُلوكِ المُنصِفُ المُتَرَفِّقُ

يُقيمونَ صَرحَ الظُلمِ في كُلِّ أُمَّةٍ

إِذا مَلَكوا وَالعَدلُ بِالمُلكِ أَخلَقُ

ثَوى العَدلُ في الفاروقِ وَاِنجابَ ظِلُّهُ

غَداةَ اِنطَوَت أَعلامُهُ وَهيَ تَخفَقُ

إِمامٌ أَظَلَّ الأَرضَ وارِفُ عَدلِهِ

وَجَلَّلَها مِنهُ جَمالٌ وَرَونَقُ

هَداهُ إِلى المَعروفِ دينٌ يُضيئُهُ

مِنَ الذِكرِ ذي الآياتِ أَبلَجُ مُشرِقُ

وَنَفسٌ لَها في كُلِّ عَلياءَ مَوقِفٌ

تَزِلُّ النُفوسُ الشُمُّ عَنهُ وَتَزلَقُ

دَعاها إِلى ما يُكسِبُ المَجدَ وَالعُلا

وَرِضوانَ رَبِّ الناسِ داعٍ مُوَفَّقُ

بَنى قُبَّةَ الإِسلامِ بِالعَدلِ عالِياً

وَبِالبَأسِ جَمّاً حَولَها يَتَحَرَّقُ

فَهَذا لَها سورٌ يَروعُ مُنيفُهُ

وَهَذا لَها حِصنٌ مَنيعٌ وَخَندَقُ

إِذا رامَهُ الأَعداءُ أَخزى لِواءَهُم

لِواءٌ يُحَيّيهِ مِنَ النَصرِ فَيلَقُ

لَهُم حَولَ جُندِ اللَهِ في كُلِّ مَأزِقٍ

فُلولُ السَرايا وَاللِواءُ المُمَزَّقُ

فَما زالَ حَتّى دانَ لِلَهِ مَغرَبٌ

وَما زالَ حَتّى دانَ لِلَهِ مَشرِقُ

ثَوَت أُمَمُ الإِسلامِ مِن بَعدِما مَضى

تُراعُ بِأَهوالِ الخُطوبِ وَتُصعَقُ

تَفانَت مَواليها وَطاحَ حُماتُها

كَما طاحَ مُرفَضُّ الحَصى يَتَفَلَّقُ

تَحَكَّمَ فيها القاسِطونَ فَأَصبَحَت

تُقادُ بِأَسبابِ الهَوانِ وَتُوثَقُ

عَسى العِزُّ أَن يَعتادَها وَلَعَلَّها

تُفَكُّ مِنَ الأَغلالِ يَوماً وَتُطلَقُ

فَتَستَنُّ مِن سُبلِ المَفاخِرِ ما عَفا

وَتُدرِكُ ديناً ضاقَ مِنهُ المُخَنَّقُ

فَلا القَلبُ في آثارِهِ يَصطَلي الجَوى

وَلا الدَمعُ في أَطلالِهِ يَتَرَقرَقُ

أَلا إِنَّهُ المَعروفُ وَالخَيرُ كُلُّهُ

أَخافُ عَلَيهِ أَن يَضيعَ وَأُشفِقُ