أرى الناس في مصر شتى القلوب

أَرى الناسَ في مِصرَ شَتّى القُلوبِ

وَإِن جَمَعَتهُم عَوادي النُوَبْ

فَكُلُّ لَهُ وِجهَةٌ تُستَرادُ

وَكُلٌّ لَهُ شَأنُهُ وَالأَرَبْ

وَبَعضٌ يَمُدُّ حِبالَ الرَجاءِ

وَبَعضٌ يَرى اليَأسَ حَقّاً وَجَبْ

وَهَذا يَنامُ عَلى فِضَّةٍ

وَهَذا يَبيتُ ضَجيعَ الذَهَبْ

وَهَذا يَطوفُ بِأَوراقِهِ

مُعَنّى الأَماني حَثيثَ الطَلَبْ

يُريدُ الضِياعَ بِأَقصى البِقاعِ

وَلَو خالَطَ الشَوكُ فيها الحَطَبْ

وَباتَ الفَقيرُ يُريدُ الرَغيفَ

فَيُمعِنُ مِن خيفَةٍ في الهَرَبْ

إِذا سَأَلَ القوتَ قالوا أَساءَ

وَإن وَصَفَ الفَقرَ قالوا كَذِبْ

وَإِن قالَ يا رَبِّ أَينَ القُلوبَ

أَجابَ الوَعيدُ وَهاجَ الغَضَبْ

وَقالوا فَقيرٌ يَصُكُّ الوُجوهَ

بِفُحشِ المَقالِ وَسوءِ الأَدَبْ

أُمورٌ تَشِقُّ عَلى العارِفينَ

وَتَترُكُ جُمهورَهُم في تَعَبْ

لَقَد أعوَزَ الحَبُّ كُلَّ النُفوسِ

وَلَم يَدرِ حُكّامُنا ما السَبَبْ

يَطوفُ الرِجالُ مَعاً وَالنِسا

ءُ آناً فُرادى وَآناً عُصَبْ

فَيَرمي التِجارُ بَراميلَهُم

بِأَبصارِ جِنٍّ تَمُجُّ اللَهَبْ

وَيُقسِمُ دَهقانُهُم أَنَّهُ

أَبادَ المَطِيَّ وَأَفنى الكُتُبْ

فَلَم يَرَ سُنبُلَةً تُقتَنى

وَلا حَبَّةً في القُرى تُجتَلَبْ

تَواصى أَكابِرُهُم وَالصِغارُ

بِدَهياءَ تَأخُذُكُم مِن كَثَبْ

فَشُدّوا البُطونَ وَغُضّوا العُيونَ

وَروضوا الشُؤونَ وَكُفّوا الشَغَبْ

وَلوذوا بِرُكنٍ شَديدِ القُوى

مِنَ الصَبرِ عِندَ اِشتِدادِ الكُرَبْ

فَما اِستَفحَلَ الشَرُّ إِلّا اِرعَوى

وَلا اِضطَرَب الأَمرُ إِلّا اِستَتَبْ