ألي في الهوى ما لي وللائم العذر

أَلِي في الهَوى ما لي وَلِلّائِمِ العُذرُ

أَما يَعلَمُ اللُوّامُ أَنَّ الهَوى مِصرُ

فَإِن يَسأَلوا ما حُبُّ مِصرَ فَإِنَّهُ

دَمي وَفُؤادي وَالجَوانِحُ وَالصَدرُ

لِنَفسي وَفائي إن وَفَيتُ بِعَهدِها

وَبي لا بِها إِن خُنتُ حُرمَتَها الغَدرُ

أَخافُ وَأَرجو وَهيَ جُهدُ مَخافَتي

وَمَرمى رَجائي لا خَفاءٌ وَلا نُكرُ

هِيَ العيشُ وَالمَوتُ المُبَغَّضُ وَالغِنى

لِأَبنائِها وَالفَقرُ وَالأَمنُ وَالذُعرُ

هِيَ القَدَرُ الجاري هِيَ السُخطُ وَالرِضى

هِيَ الدينُ وَالدُنيا هِيَ الناسُ وَالدَهرُ

بِذَلِكَ آمَنّا فَيا مَن يَلومُنا

لَنا في الهَوى إيمانُنا وَلَكَ الكُفرُ

تَدَفَّقَ فيها الوَحيُ شِعراً وَإِنَّما

سَقانا بِه النيلُ الَّذي كُلُّهُ شِعرُ

تَحَيَّرَ فيهِ الواصِفونَ نَفاسَةً

فأَوصافُهُ شَتّى وَأَلقابُهُ كُثرُ

رَئيسٌ وَذو تاجٍ وَشاعِرُ أُمَّةٍ

وَنابِغَةٌ غَمرٌ وَداهِيَةٌ نُكرُ

مُلوكٌ وَأَبطالٌ يَروعُكَ مِنهُمو

شِهابُ الوَغى سَعدٌ وَصاحِبُهُ عَمرُو

إِذا جالَ ماءُ النيلِ في جَوفِ شارِبٍ

فَلَيسَ لَهُ إِن خانَ أَبناءَهُ عُذرُ

هُوَ العَهدُ عهدُ اللَهِ وَالرُسُلِ كُلِّهُم

رِعايَتُهُ تَقوى وَتَوكيدُهُ بِرُّ

وَإِنَّ اِمرَأً يَبغي لِمِصرَ خِيانَةً

وَيَرجو بِها حُسنَ الثَوابِ لُمغتَرُّ

مَحَبَّتُها يُمنٌ وَطاعَتُها رِضىً

وَخِدمَتُها غُنمٌ وَمَرضاتُها ذُخرُ

لِكُلٍّ حِسابٌ لا يُجاوِزُ سَعيَهُ

فَلا الخَيرُ مَصروفُ الجَزاءِ وَلا الشَرُّ

أَرى للفَتى أَمراً يُعَجَّلُ في الدُنى

فَإِن يَكُ يَومُ الدينِ كانَ لَهُ أَمرُ

أَلا رُبَّما قامَت قِيامَةُ مَعشَرٍ

وَلَمّا يَضُمُّ الناسَ بَعثٌ وَلا حَشرُ

فَلا تَكُ إِلّا مُحسِناً تُؤثِرُ الَّتي

أَوائِلُها حَمدٌ وَأَعقابُها أَجرُ

جَزيتُ بَني مِصرٍ وَفاءً وَنَجدَةً

كَذَلِكَ يَجزي قَومَهُ الماجِدُ الحُرُّ

عَلَيَّ لَهُم حَقٌّ وَلي عِندَهُم هَوىً

تَتابَعَ ما بَيني وَبَينَهُما العُمرُ

طَوَيتُ هُمومَ الأَربَعينَ وَرُبَّما

عَناني لِلخَمسينَ مِن بَعدِها نَشرُ

وَمَن يَجعَلُ الإِصلاحَ في الناسِ هَمَّهُ

يَكُن ذا هُمومٍ كُلَّ آوِنَةٍ تَعرو

هَنيئاً لِذي الخَفضِ المُتارِكِ عَيشُهُ

وَإِن كانَ لا نَفعٌ لَدَيهِ وَلا ضُرُّ

وَإِنّي لَفي أَسرٍ مِنَ الهَمِّ موجِعٍ

وَغَمرَةِ وَجدٍ ما يُهَوِّنُها الصَبرُ

فَيا لائِمي وَالنَفسُ وَلهى لِما بِها

حَنانَكَ إِنَّ الحُرَّ يوجِعُهُ الأَسرُ