دعوا الشهيد لشعب ليس ينساه

دعوا الشَّهيدَ لشعبٍ ليس ينساهُ

وارعوا لِمصرَ ذِماماً كان يرعاهُ

ماذا تُعيدون من ذكرى امْرئٍ نَبهٍ

النّيلُ سِيرتُهُ والدَّهرُ ذِكراهُ

خُوضوا الرُّماةَ وسيروا حَوْل رايتهِ

جُنداً من الحقِّ يرمي دُونَهُ اللهُ

إلى الأَمامِ سِراعاً خلفَ قائِدكم

إلى الأمامِ فهذي من وَصاياهُ

سَنَّ الجِهادَ لكم يحمي به وطناً

سَنَّ الحِدادَ عليهِ يومَ منعاهُ

يَومٌ تمرَّدَ فاسْتعصتْ فَواجعُه

على الدَّهَاقِين واسْتَشرتْ رزاياهُ

رَمى المشارقَ بالخطبِ الذي انْتَفضتْ

منه المغاربُ تخشى هَوْلَ مَرماهُ

إن يَفْزَعِ النّيلُ أو يجزعْ فقد نُكِبتْ

دنيا ممالكُها في الرُّزءِ أشباهُ

ليس الهُداةُ لشعبٍ أو لِمملكةٍ

هُمْ رحمةُ الله للدُّنيا ونُعماهُ

نَفسٌ حَمَى الأُفُقُ العلويُّ مَوضعَها

واختارها الله من أَسْنَى عَطاياهُ

من هِمَّةِ الرُسْلِ ما يَغتالُها خَوَرٌ

ولا يَطيشُ بها مالٌ ولا جاهُ

ما بات من فِتنةِ الدُّنيا على خَطرٍ

وصاحبُ التاجِ مفتونٌ بدنياهُ

ذكرى الشَّهيدِ وما نجزي مَواقفَهُ

في العامِلينَ ولا نُحصِي مَزاياهُ

كُوني لمِصرَ حياةً غيرَ هازلةٍ

وَعلِّمِي الجِدَّ شعباً ساءَ محَياهُ

إنّ الأُلى زعموا الأوطانَ هَيِّنَةً

جَرُّوا على الشَّعبِ ما تأبى سجاياهُ

هم سَخَّروهُ لأمرٍ ليس يَعرفه

فَاسْتنَّ يعصِفُ واستنَّتْ ضحاياهُ

ثم انجلى النَّقعُ عن دَهْياءَ مُفزِعَةٍ

الموتُ أيْسَرُ منها حِينَ تلقاهُ

لا تَحسبِ الأمرَ ما تُبدِي ظواهرُه

فإنّما الأمرُ ما تطوِي خَفاياهُ

عفواً وصفواً لقومٍ شِيبَ مَوْرِدُهم

فالقولُ أجْلَبُهُ للودِّ أَصفاهُ

إنّا نُحاذرُ قولَ الشامِتينَ بنا

حِزبٌ يلومُ وحزبٌ ضلَّ مَسعاهُ

بات العِدى مِلءَ وادينا وبات بنا

من التَّناحُرِ ما نشكو بلاياهُ

إنّا جَهِلْنَا فشقَّ الحِقدُ وَحدَتنا

وأدركَ الخصمُ منّا ما تَمنَّاهُ

اللهُ أكبرُ هذا يوم ندفعه

خطباً خَشِيناه ممن ليس يَخشاهُ

مَدَّ الشَّهيدُ إلى الأحزابِ يجمعُها

من جانبِ القَبرِ يُمناه ويُسراهُ

وأرسلَ الصّوتَ يُسدِي النُّصحَ فابتدرت

مِصرُ الجريحةُ تستشفِي بنجواهُ

أيسمعُ النُّصحَ قومٌ أم بهم صَمَمٌ

أم ليس يفهمُ بعضُ القومِ معناهُ

اليومَ يُبصرُ حادِي الركبِ وِجْهَتَهُ

ويعرفُ الحائرُ الضِّلِّيلُ عُقباهُ