غوى الناس حتى لا صواب ولا رشد

غَوى الناس حَتّى لا صَوابٌ وَلا رُشدُ

وَضلّوا فَلا رُسلٌ تُطاعُ وَلا جُندُ

إِذا كُنتَ في أَمرِ النُفوسِ مُشاوراً

فَما لَكَ مِن سَيفٍ تُشاوِرهُ بُدُّ

وَإِنّك إِن أَمعنتَ في نقدِها اِنتَهى

بِكَ الأَمَدُ الأَقصى وَلم يَنتهِ النَقدُ

وَما زِلتُ بِالدُنيا أَعدُّ ذُنوبَها

إِلى أَن تَناهَت هِمّتي وَانقَضى العَدُّ

بُلِيتُ بِمَن تفري الزَواجرُ سَمعَهُ

فَيَطغى وَترميهِ العِظاتُ فَيشتدُّ

يَقولُ غُواةُ الناسِ مَجدٌ وَسُؤدُدٌ

وَلا سُؤددٌ فيما بَدا لي وَلا مَجدُ

أَرى الناسَ أَنداداً وَلا مَجدَ لامرئٍ

إِذا لَم يَكُن كَالدَهرِ لَيسَ لَهُ نِدُّ

بِذلك أَقضي في الصديقِ وَفي العِدى

وَمِثليَ يَدري ما العداوةُ وَالوُدُّ

نَما الناس حَولي مِن مُحِبٍّ وَحاقدٍ

فَما غَرَّني حُبٌّ وَلا هاجَني حِقدُ

بَني النيلِ إِنّي لا أَرى فيهِ مُفرَداً

وَلا أَدّعي أَنّي بِهِ الشاعرُ الفَردُ

وَلَيسَ بِناءُ المَجدِ فيكُم بِقائِمٍ

مَدى الدَهرِ وَالأَخلاقُ تَهوي وَتنهدُّ

كَفى الدَهرَ عَتباً يا بَني النيلِ أَنَّهُ

مَجالُ حَياةٍ للمالكِ أَو لَحدُ

عَتبتُم عَلى الأَيّامِ وَهيَ كَعهدِها

فَلا تعتبُوا حَتّى يَدومَ لَكُم عَهدُ

وَإِن وَثَبَ الضرغامُ لِلصَيدِ عادِياً

فَلا تَعجبوا أَيُّ الضَراغمِ لا يَعدو

وَما اتُّخِذَت لِلّهوِ مِن قَبلِ داحسٍ

رِقاقُ المَواضي وَالمُسوَّمةُ الجُردُ

بني النيلِ جِدُّوا في المَطالب وَاصدُقوا

فَلا مَجدَ حَتّى يَصدُقَ العَزمُ وَالجِدُّ

هوَ البَأسُ حَتّى يَجفُلَ الأَسَدُ الوَردُ

وَيذهلَ عَن حَوبائِهِ الرجلُ الجَلدُ

سَنركبُها رَوعاءَ تَلوِي عِنانَها

وَنَرمي بِها هَوجاءَ لَيسَ لَها ردُّ

وَما هوَ إِلّا أَن يَثورَ غُبارُها

فَلا أُفْقَ إِلّا وهوَ أَقتمُ مُسوَدُّ