ما للدموع على التظنن تذرف

ما للدُّموعِ على التَّظَنُّنِ تَذرِفُ

الجارُ وافٍ والهَوى متألِّفُ

لا تُنكروا حُبَّ النبيِّ لآلِهِ

وديارِهِ الأولى ولا تَتَأسَّفُوا

أحَسِبْتُمُوهُ يُريدُ عنكم مَصرفاً

مَهْلاً فليس عن الأحبَّةِ مَصْرَفُ

لمَّا فزعتم قال يا قومُ اسْكُنُوا

هِيَ يَثرِبٌ ما دُونَها مُتَخَلَّفُ

دارُ الحياةِ وَمنزلُ الموتِ الذي

مَالِي سِوَاهُ فإنْ جَهِلْتُمْ فَاعْرفوا

فَرِحُوا وأشرقَتِ الوجوهُ فما تَرَى

عَيناً تَفيضُ ولا فُؤاداً يَرجُفُ

صَدَقُوا نبيَّهُمُ الهَوَى فَقلوبُهم

مِن حولِهِ شَغَفاً تَرِفُّ وَتَعطِفُ

أنصارُهُ في الحادِثَاتِ إذا طَغَتْ

وجنودُهُ في الحربِ سَاعَةَ تَعصِفُ

هُمْ أنصفوهُ مُشرَّداً يَجِدُ الأذَى

من كلِّ ذِي جَبريَّةٍ لا يُنْصِفُ

وَتَكنَّفوهُ يُعَظِّمُونَ مَكَانَهُ

وَذوُو قرابَتِهِ تَصُدُّ وَتَصدِفُ

ما عَزَّ منزلُ قادمٍ أو زائرٍ

إلا ومنزلُهُ أعزُّ وأشرَفُ

شَدُّوا عُرَى الإسلامِ حَتّى استحكمتْ

ولَوَى السَّواعِدَ حبلُهُ المُسْتَحْصِفُ

كانوا أَساسَ بِنائِهِ وعِمادَهُ

والأرضُ تُخْسَفُ والشَّوامخُ تُنْسَفُ

انظرْ بِناءَ اللَّهِ حَوْلَ رَسولِهِ

وَصِفِ الذُّرى إن كنَّ مما يُوصَفُ

في كلِّ سورٍ منه جُندٌ يَرتَمِي

يغزو الأُلَى كفروا وموتٌ يَزحَفُ

صَبُّوا على المستضعفينَ نَكَالَهُمْ

وَجَرى القَضَاءُ فَهُمْ أذلُّ وأضعَفُ

يا معشرَ الأنصارِ ما مِن صالحٍ

إلا لكم فيهِ يَدٌ أو مَوقِفُ

لَكمُ المواقِفُ ما يُذاعُ حَدِيثُها

إلا يُهِلُّ بها الزّمانُ ويَهتِفُ

لا الشِّعرُ مُتَّهمٌ إذا بلغَ المَدَى

يُطرِي مناقِبَكُم ولا أنا مُسْرِفُ

أوَ ما كَفَاكُمْ ما يَقُولُ إلهُكُم

في مَدْحِكُمْ وَيَضُمُّ منه المُصْحَفُ