ما للسحاب تدفقت أخلافه

ما لِلسِحابِ تَدَفَّقَت أَخلافُهُ

حَتّى ظَنَنّا أَنَّهُ لا يُمسِكُ

دَمعٌ يُراقُ مِنَ السَماءِ غَزيرُهُ

لِدَمٍ عَلى وَجهِ البَسيطَةِ يُسفَكُ

بَكَتِ السَماءُ فَما رَثى لِبُكائِها

فَرَحٌ يُقَهقِهُ لِلدِماءِ وَيَضحَكُ

جَلَبَ البَلاءَ عَلى الخَلائِقِ مَعشَرٌ

مَلَكوا مِنَ الأَقطارِ ما لا يُملَكُ

سَكَنَت عَوادي الدَهرِ إِذ أَخَذوا بِما

نالوا مِنَ الأُمَمِ الضِعافِ وَأَدرَكوا

نُكِبوا بِأَيّامٍ تَتابَعَ نَحسُها

فَلِكُلِّ قَومٍ يَومُهُم وَالمَهلِكُ

زَجّوا الجُيوشَ إِلى الوَغى فَأَبادَها

قَدَرٌ أَشَدُّ مِنَ الجُيوشِ وَأَفتَكُ

قَدَرٌ أَحاطَ بِهِم فَما مِن قُوَّةٍ

إِلّا تُهَدُّ بِهِ الغَداةَ وَتُنهَكُ

سَكَنَ الزَمانُ فَشاغَبوهُ وَما دَرَوا

أَنَّ المَمالِكَ تَحتَهُ تَتَحَرَّكُ

غَصَبوا المَمالِكَ مُفسِدينَ فَأَصبَحَت

وَكَأَنَّما هِيَ مَذبَحٌ أَو مَعرَكُ

فَإِذا القُلوبُ عَلى الحَفائِظِ تَنطَوي

وَإِذا الرَوابِطُ كُلُّها تَتَفَكَّكُ

طَلَبوا مُناخَ الراسِياتِ لِدَولَةٍ

هوجُ الرِياحِ مُناخُها وَالمَبرَكُ

بَطِرَ المُلوكُ فَهَبَّ يَقمَعُ شَرَّهُم

طَبٌّ بِأَدواءِ المُلوكِ مُحَنَّكُ

نادِ المَمالِكَ في الدِماءِ غَريقةً

وَاِنظُر إِلى أُمَمٍ تُذاب وَتُسبَكُ

حَربٌ يَطيحُ الظُلمُ تَحتَ عَجاجِها

وَيَدينُ بِالإيمانِ فيها المُشرِكُ

إِنَّ الجَبابِرَةِ الأُلى أَخَذوا الدُنى

أُخِذوا وَكانَ حِسابُهُم أَن يُترَكوا

مِن كُلِّ كَفّارِ السَريرَةِ جاحِدٍ

يَبدو الهُدى فَيَصُدُّ عَنهُ وَيُؤفَكُ

جَحَدوا الإِلَهَ وَكَذَّبوا بِوَعيدِهِ

حَتّى رَمى بِعُروشِهِم فَتَنَسَّكوا

في كُلِّ يَومٍ لِلكَنائِسِ ضَجَّةٌ

يَدعو المَليكَ بِها وَيَبكي البَطرَكُ

راموا التَبَرُّكَ بِالمَسيحِ وَرُبَّما

نَصَبوا مَسيحاً مِن دَمٍ فَتَبَرَّكوا

زالوا عَنِ الدُنيا فَما لِشُعوبِها

حَقٌّ يُباحُ وَلا حَريمٌ يُهتَكُ

إِنَّ المَمالِكَ لا يُرامُ بَقاؤُها

إِن ضَلَّ مَذهَبُها وَزاغَ المَسلَكُ