مضى العام وانبعث المنتظر

مَضى العامُ وَانْبَعَثَ المُنتظَرْ

وَخُلِّيَتِ السُّبْلُ لِلْمُعْتَمِرْ

لقد يَسَّرَ اللَّهُ تِلكَ الصعابَ

فما من عَصِيٍّ ولا مِن عَسِرْ

بَدارِ بَدارِ جُنودَ النَّبيِّ

فإنّ الغنيمةَ للمُبْتَدِرْ

إلى البيتِ سِيرُوا سِرَاعَ الخُطَى

فما ثَمَّ من خِيفَةٍ أو حَذَرْ

وَسُوقُوا الهدايا إلى ربِّكم

فما خَابَ مَن ساقَها أو نَحَرْ

دَعُوها لِناجِيَةٍ إنّه

لَنِعْمَ الفتى إن تَمَطَّى السَّفَرْ

دَليلكم الصّدقُ فيما مَضَى

يَشُقُّ الصّعابَ ويَهدِي الزُّمَرْ

ولِلخَيْلِ قائدُها المُجتَبَى

وفَارسُها الشّمّريُّ الأغرّ

رأوْها مُطَهَّمَةً في السّلاح

فطاروا يقولونَ أمرٌ قُدِرْ

أيا قَومَنا إنّهم أقبَلوا

على الجُرْدِ في المُرْهَفَاتِ البُتُرْ

خُذُوا حِذْرَكم وَاجمَعُوا أمركم

ألا إنّنا لا نَرى غيرَ شَرّ

وجاء ابنُ حصنٍ رسولاً يقول

مُحمدُ ما شأنكُم ما الخَبَرْ

أَتنقضُ عهدَكَ تبغِي القتالَ

وما كنتَ ممّن بَغَى أو غَدَرْ

قُريشٌ على العهدِ ما بَدَّلوا

ولا كان منهم أذىً أو ضَرَرْ

عَلامَ السّلاح وماذا تريدُ

أتأبى لأنْفُسِنَا أن تَقرّ

فقال النبيُّ اهْدَأُوا إنّني

لأَوْلَى الوَرَى بوفاءٍ وبِرّ

سيبقَى السّلاحُ بعيدَ المكانِ

لِيأمنَ مِن قومِنا مَن ذُعِرْ

لِمَكَّةَ حُرمتُها والذمام

وللَّهِ سُبحانَهُ ما أَمَرْ

وأقبلَ في صحبِهِ الأكرمين

يَؤُمُّ البَنِيَّةَ ذاتِ السُّتُرْ

فيا ابنَ رُواحَةَ خُذْ بالزِمام

وقل في النبيِّ وفي مَن كَفَرْ

جَلا القومُ يأبونَ لُقْيَا النبي

وأصحابِهِ الطاهرينَ الغُرَر

فطافوا وَصَلُّوا وخَفُّوا معاً

إلى الركنِ يَغشَونَهُ والحَجَرْ

وَقَضُّوا المناسِكَ مُسْتَبْشرينَ

فلم يبقَ من مأرِبٍ أو وَطَرْ

وجاء حُوَيطبُ يَلْقَى النَّبيَّ

وصاحِبُهُ المرتجَى للغِيَرْ

يقولان إنّا على مَوعدٍ

فما لكَ عن أرضِنا لم تَسِرْ

قَضيْتَ الثلاثَةَ فاذْهَبْ إلى

مَنازِلِ يَثْرِبَ ما من مَفَرّْ

فأرعدَ سعدٌ وجاشتْ به

حَمِيَّةُ مُسْتَوفِزٍ كالنَّمِرْ

وألقَى بصاعقةٍ تستطير

على جَانِبَيْها بُروقُ الشَّرَرْ

فقال النبيُّ رُويداً رُويداً

وأطفأ من غَيْظِهِ المسْتَعِرْ

وحُمَّ الرحيلُ فنعمَ السّبيل

سبيلُ القبيلِ الجليلِ الخَطَرْ

هُمُ صَبَرُوا فانثنوا ظافرين

وما الصّبرُ إلا بَشِيرُ الظَّفَرْ

فَشُكْراً لربٍّ يُحِبُّ التَّقِيَّ

وَيُضفِي العَطَاءَ على مَن شَكَرْ